أظهرت نتائج دراسة أجرتها غرفة التجارة الأمريكية في مدينة شانغهاي، أن الشركات الأمريكية في الصين لا تزال تحقق أرباحا. وجد الاستطلاع أن 78.6% من المستجيبين سيواصلون ممارسة الأعمال التجارية في الصين، وهناك بشرى أخرى، وهو أنه من أجل مساعدة الاقتصاد على العودة إلى المسار الذي كان عليه، اقترحت الحكومة الصينية نمطا جديدا للتنمية مع “الدوران المزدوج”. تشير “الدوران المزدوج” إلى الاستهلاك المحلي والابتكار المحلي، وتسمى “الدورة الداخلية”، أما “الدورة الخارجية”، فهي تشير إلى الصادرات والتجارة العالمية. لماذا يتعين على الصين تعزيز هذا النمط الجديد للتنمية؟!
“الدوران المزدوج” هو نموذج إنمائي يسلط الضوء على أهمية زيادة استغلال إمكانات الطلب المحلي.
قال لين يي فو، أستاذ من جامعة بكين، إنه نظرا لأن الصين تمثل 30% من النمو الاقتصادي العالمي، فإن الاقتصاد الصيني المنفتح والقوي سيساهم بشكل أكبر في الانتعاش الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا الجديد. “التنمية الاقتصادية للصين تعتمد بشكل متزايد على “الدورة الداخلية” المحلية، والتي يمكن أن تطلق بشكل أفضل إمكانات النمو لدينا”.
وحذر صندوق النقد الدولي مؤخرا، أنه من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي -4.9% في عام 2020 بسبب التداعيات السلبية لجائحة كوفيد 19، وفي نفس الوقت، تعد الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي من المتوقع أن يحقق نموا إيجابيا (تجاوز معدل النمو الاقتصادي الصفر) هذا العام، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي الصيني للربع الثالث المعلن حديثا في الصين 4.9%، مما يشير إلى أن الصين لا تزال مقصدا استثماريا مثاليا للمستثمرين العالميين.

لين يي فو، أستاذ من جامعة بكين
في الواقع، كان الطلب المحلي دائما محور التركيز الرئيسي للاقتصاد الصيني. من الثمانينيات في القرن الـ20 إلى مطلع القرن الـ21، شكل الطلب المحلي أكثر من 80% من النمو الاقتصادي الإجمالي للصين. كانت الحكومة تدعو إلى زيادة الاستهلاك المحلي لسنوات عديدة، وتظهر نتائج إيجابية بشكل تدريجي. وهذا يفسر سبب استمرار الاقتصاد الصيني في النمو بسرعة عالية، ولا تتأثر بتقلبات الاقتصاد الدولي.
في عام 2019، تجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين عشرة آلاف دولار أمريكي. وبما أن حجم الاستهلاك الضخم في الصين وقدرة العرض المتزايدة تتطلب الكثير من الفرص في البلاد، فقد تم التأكيد على أن السوق المحلية هيك خيار طبيعي. من خلال التركيز على الطلب المحلي، توفر “الدورة الداخلية” وسيلة للتخفيف من الطلب العالمي الفاتر والانكماش الاقتصادي، حيث يمثل الاستهلاك الشخصي للصين أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 70% في الاقتصادات الغربية. لذلك لا يزال الطلب المحلي يتمتع بإمكانية كبيرة للاستفادة منه. إذا كانت هناك سياسات حوافز مناسبة، مثل خفض معدلات الضرائب أو زيادة الاستثمار، فيمكن للمستهلكين في الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، زيادة الإنفاق الاستهلاكي والمساعدة في تعزيز النمو الاقتصادي والحفاظ عليه. ومع ذلك، فإن أخذ الدورة الداخلية كركن رئيسي لا يعني أن الصين ستغلق أبوابها أمام العالم.

من الثمانينيات في القرن الـ20 إلى مطلع القرن الـ21، شكل الطلب المحلي أكثر من 80% من النمو الاقتصادي الإجمالي للصين.
“الدوران المزدوج” ليست بأي حال من الأحوال دورة داخلية مغلقة، فقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارا وتكرارا في مناسبات مختلفة، على أن الانفتاح هو دائما سياسة وطنية أساسية، وستواصل الصين اتباع طريق الإصلاح والانفتاح. يهدف نمط التنمية الجديد مع “الدوران المزدوج” إلى تقليص فجوة الدخل، وتعزيز النمو الاقتصادي الصحي، وإتاحة المزيد من الفرص لجميع الناس لتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة.
من الواضح، أن القول بأن “الدوران المزدوج” هو وضع الصين في المقام الأول، أو أن الصين لم تعد بحاجة إلى الاقتصاد العالمي، أمر سخيف ومضلل.
CGTN