مقارنة بين المواطنة السياسية في الديمقراطية الغربية والديمقراطية الدينية

1050

جليل دارا[1]

محسن خاكي[2]

ترجمة: محمد إبراهيم كاوري

مقدمة

ثمة فرق أساسي في تعريف علاقة المواطن بالحكومة في النظام الديمقراطي الديني والديمقراطي الغربي الكلاسيكي أو الحديث، ولكي تتضح معالم نمط الحياة السياسية للمواطن في هذين النظامين السياسيين، يقتضي المقال العناية بالمكونات والأبعاد المختلفة لهذين النظامين،  ومن الواضح أنّ غياب التفسير الصحيح للقدرات الشاملة لنظام الديمقراطية الدينية في صياغة مواطن سياسي متوازن، قد يتسبب في عدم الاهتمام بالنموذج القوي للنظام الإسلامي والانجراف مع التيارات و النماذج السياسية الغربية0

وفي ظل هذه الظروف، فإن جهود النظام السياسي الإسلامي في رعاية حقوق المواطنين وأداء واجباتهم، ليس فقط في مجال الحقوق الطبيعية  أو الواجبات المادية، وإنما سيؤدي إلى ظهور مؤشرات أخرى لحكومة مرغوب فيها من قبل الشعب في هذا العصر. وفي الحقيقة إن الجمع بين الفرد والمجتمع، والدين والمادة هو من الأمور الخارقة للطبيعة التي يستطيع نظام الديمقراطية الدينية القيام به ويُعرَّف كنظام  مرغوب فيه للحكم العالمي.

 

الاطار البحثي وسوابقه

يمكن القول وبشكل عام إنه لم يتم اجراء الكثير من البحوث فيما يتعلق بالمواطن والحكومة، وأغلب المحتوى المنتج في هذا المجال يتعلق بحقوق المواطنة والمقارنة بين النظام القانوني للإسلام والغرب. وفي دراسة بعنوان: (نقد المواطنة الليبرالية بناء على مكانة الشعب في النظام القانوني الإسلامي) (محسني عبداللهي،1392) عرض نموذجا بعنوان(الله، الحكومة، الأمة) وذلك من أجل فهم أفضل للنظام القانوني للمواطنين في العلاقة بين حقوق الحكومة وواجباتها0كما في اطروحة ماجستير تحت عنوان (مقارنة أخلاقية للمواطن العالمي عند “كانط” والمدينة الفاضلة للفارابي)، (طراوت ،1392)حيث يتطرق الكاتب الى كيفية استخدام النظام الفلسفي والأخلاقي لكانط (كانت)والفارابي للوصول الى العناصر الأخلاقية للمواطنة العالمية، وفي دراسة حملت عنوان: ( أصول ومبادئ المواطنة في فكر الإمام الخميني و وجوه افتراقها مع المواطنة في الغرب)، (انصاري ونظري،1394)يعتبر البعض أيضاً أن حقوق المواطنة في فكر الإمام الخميني مشتقة من نظام الحقوق والواجبات في الإسلام وتتميز عن الفكر الغربي في أربعة مكونات: الحريات الاجتماعية والسياسية والمشاركة السياسية والنساء والأقليات الدينية والعرقية، وفي دراسة أخرى تحت عنوان: (مقارنة بين الديمقراطية الدينية والديمقراطية الليبرالية)(عيوضي،1389)تحدث الباحثُ عن الفروق الجوهرية  لنظرية الديمقراطية الدينية وأعتبر الديمقراطية ذات أصل إنساني، غير أنّ الديمقراطية الدينية قائمة على الرؤية الإلهية.

إنّ الفرق الأساس بين هذه الدراسة والدراسات الأخرى في مجال المواطنة يكمنُ في النظرة السياسية للمواطن. كما تظهر في هذه الدراسة أنه لا يوجد تقارب بين النظرة الليبرالية حول المواطنة وبين النظرية الكلاسيكية القائمة على الفضيلة في الغرب، وإنّما يوجد تقارب أكثر بين المواطنة في الديمقراطية الدينية ونظرية مفكري الغرب الكلاسيكيين.

3- بيان المصطلحات

1ـ المواطنة السياسية

تشتق كلمة المواطنة من مادة سيوتاس(citizen) ومن ناحية المعنى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشرطة كدولة لمدن اليونان القديمة. فالمواطن بالنسبة للحكومة، شخص له حقوق سياسية ومدنية وعليه واجبات والتزامات اتجاهها، و تحديد مكانة كل مواطن تعينها قوانين الدولة، وعادة ما يكون حق التصويت وحق الحصول على الوظائف الحكومية خاص بالمواطنين(آشوري،222:1387).

يُراد من خلال هذه الدراسة شرح(المواطنة السياسية) العلاقة المتبادلة بين المواطن والحكومة حيث توجد حقوق والتزامات لكل منهما تجاه الآخر.  والقيد السياسي في هذا المزيج لا يعني مجرد السلوك السياسي للمواطن في الدولة الحديثة، وإنما  يراد به الانتماء وعلاقة الفرد والدولة  ببعضهما والأهداف العامة المطروحة أمامهما. وبعبارة اخرى، المواطنة السياسية: عبارة عن مكانة الفرد في ما يتعلق بالدولة التي يحترمها القانون الدولي أيضاً، فما للفرد من حقوق وما عليه من واجبات قبال الحكومة، تُسمى علاقة  المواطنة، والقانون هو الذي يعيّن كيفيتها(انصاري ونظري،13:1394) .اذن فالمقصود من المواطنة السياسية في هذه الدراسة هو نوع العلاقة بين المواطن والحكومة0

2 ـ الديمقراطية الدينية

إنّ مفردة “الديمقراطية” تعني حكم الشعب، وفي الأصل كان منشأها اليونان القديمة، ويراد بها حكم “ديموسDemos” أو  عامة الشعب، أي أنّ لكل فرد الحق في المشاركة في صنع القرار للشؤون العامة في المجتمع(آشوري،157:1387) فالديمقراطية تقابل الحكومة الفردية(الملكية) والحكومة الأرستقراطية(الأوليغارشية). ووفقاً لبعض التعاريف، تقوم الديمقراطية على المشاركة الحقيقية، والتصويت المتكافئ والحصول على الفهم والوعي والتعرف على السياسات البديلة الأخرى وآثارها الإجتماعية.(دال 49:1378)

إن معلومة (الديمقراطية الدينية)هي مصطلح حديث في الخطاب السياسي العالمي، فهي تبني معتقداتها على المبادئ الدينية والحق الإلهي المطلق، ومن أجل اضفاء  الشرعية على السيادة، تؤمن بحماية  حقوق الشعب في قبول واستمرارية الحكومة الإسلامية. وهذا ما يميز النظام الإسلامي عن النماذج العلمانية الغربية؛ لأنه من حيث المبدأ ليس ديكتاتورياً ولا شيوعياً ولا ليبرالياً ( فيّاض،43:1380)، فالديمقراطية الدينية هي نموذج للحكومة التي تبتني على الشرعية الإلهية والقبول الشعبي، حيث يؤدي الحاكم دوره في اطار اللوائح الإلهية، والتوجه الصحيح لخدمة الشعب وايجاد الأرضية المناسبة  لرُقي المجتمع وتطوره مادياً ومعنوياً (نوروزي،69:1382).

 

 

04مفهوم المواطنة ومكانتها في الغرب

أولاً: المواطنة السياسية في الغرب الكلاسيكي والعصور الوسطى

يُعتبر مفهومُ المواطنة أحد المعاني الأساسية في الفلسفة السياسية الغربية والتي مرّت بتطور واسع على مرّ القرون، فيفهم معنى كلمة مواطن من خلال المدينة(الوطن)، فالمدينة ليست مجرد مجموعة من الأصدقاء البشر، إنّما هي نوع من الوحدة السياسية. ومن هذا المنطلق يجب البحث عن جذور المواطنة في (دولة المدينة) اليونانيةstaecity  لا في حضارات كحضارة الصين والهند (kymlicKa 2000:8) .

والحقيقة إن المواطنة هي طريقة خاصة لربط الإنسان بالمجتمع وتجسيد نوع من الهوية الإنسانية، أمّا في الفكر الكلاسيكي فقد كانت السعادة والكمال البشري و المواطنة ثلاث مجالات مترابطة. وكانت العدالة أيضاً ذات ارتباط دلالي أساسي مع تلك الثلاثة. وبالنسبة للكلاسيكيين، كانت هوية المواطنة هي الهوية البشرية نفسها، وكان المفكرون الكلاسيكيون يعتبرون السعادة الفردية تكمن في رفاهية المجتمع وسعادة كلّ فرد تعتمد على أداء واجبه تجاه الآخرين.

وكما أن افلاطون يربط الكمال الإنساني بالمواطن والمدينة، كذلك يرى أرسطو الإنسان كائناً سياسياً تتحقق فطرته عن طريق التعامل الاجتماعي. والناس غير متساوين بسبب اختلافهم في الأصول والمنشأ، ثانياً  دولة المدينة ولها الأسبقية عليها، ثالثاً لديهم القدرة على بناء المدينة (منوتشهري،292:1395)، إنّ البشر بطبيعتهم سياسيون(الإنسان حيوان سياسي)، فتوجد دولة المدينة على أساس الطبيعة، ووجودها من ناحية الرؤية الطبيعية مقدّم على الأفراد؛ لأنّ الكل مقدم على الجزء(أرسطو7:1390) ويرى أرسطو أن  معيار المواطنة يحدده نوع الحكومة على المجتمع، أي يمكن اعتبار فردا ما مواطناً في حكومة ديمقراطية ولكنه ليس مواطناً في الأوليغارشية، لهذا السبب يوجد معياران لمعرفة المواطن:

1- القدرة على الانخراط في وظائف القضاء2- الاستطاعة على أن يشغر منصباً في شرطة مدينته، وإن كانت هذه من خصائص المواطن في الحكومة الديمقراطية(أرسطو،103:1390) ولهذا فإن مفهوم المواطنة يتضح من خلال العضوية في المدينة.

أما في الإمبراطورية الرومانية، وعلى الرغم من أنّ الهيكل الاجتماعي لم يعدّ دولة المدينة، الا أن طابع المدينة بقي محافظا على مفهوم المواطنة. والواقع هو أنه تم تغيير الوضع السياسي للمواطنة إلى الوضع القانوني، واعتبرت بعض المعايير منها الممتلكات من شروط الحصول على المكانة والمواطنة(منوتشهري،294:1395)، والحقيقة هي أنه كان للمواطنة في روما نظام من الحقوق والواجبات كحق التصويت في البرلمان إزاء واجبات يقومون بها، مثل خدمة النظام. (ريلي،28:1388 )، من هذا الوجه وكما في السابق، كانت المواطنة جزءا لا يتجزأ من الحكومة.

أما في العصور الوسطى، ونظراً لسيطرة المسيحية على جميع شؤون الحياة الاجتماعية، حيث فرض النظام الديني الاستبدادي سيطرته على السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة.

في هذه الحقبة، وتبعاً  لهذه المكونات فإن هؤلاء المواطنين السياسيين كانوا يُعتبرون جزءًا من المجتمع المدني، حيث يعتقدون أن كل شيء حتى العلم يجب موازنته بالافتراضات الدينية المسيحية. إذن من الطبيعي أن لا يكون لنظام المواطنة السياسية وعلاقتها بالدولة أثر في العصور الوسطى.

ثانياً: المواطنة السياسية في الفكر الغربي الحديث

في القرن السادس عشر ومع بداية عصر النهضة والظروف الطارئة على ايطاليا، تطرق مكيافيلي إلى مزيج من النزعة القانونية والقدرة للتغلب على الظروف السائدة آنذاك. حيث إنه اعتبر أساس كل الحكومات يعتمد على القوانين الجيدة والجيوش الكفؤة.(اسكينر،60:1372) فمن وجهة رأي مكيافيلي: المواطن الصالح هو الفرد الذي يطبق القضايا العسكرية المتعلقة بالحكومة، بعدها يلتزم بالقوانين الحكومية لإرساء الأمن، ثم جاء توماس هوبز بعد مكيافيلي معتمداً على:(حالة الطبيعةstate of  nature) وخلافاً لأرسطو كانت له نظرة بُنيت للحكومة، وقد تمَّ انشاؤها عن طريق الاعتماد على مصادقة الشعب فيطرح هوبز قضية حالة الطبيعة أو “حرب الجميع على الجميع” الأساس لنظام اجتماعي يشكل القوام لإنشاء حكومات حديثة، وجاء بعدهم روسو وقال: إنّ “المواطنة” تعني الالتزام بالواجبات تجاه المجتمع السياسي والمشاركة في الإرادة العامة والامتثال لها باعتبارها أساس المواطنة، حيث يعتقد أن في عملية الإرادة العامة يوجد قدر من الحرية، كما كان في الحالة الطبيعية، بل هذه “الحرية” حق من حقوق المواطنة(جاي117:1388 )،  ووفقاً لذلك، أدى النهج الحديث  لعالم السياسة إلى رؤية اقتصادية كما فسرها اسميث على أنه كائن اقتصادي، أو ما كان يسمى في مدرسة بنثام ( بالمصلحة النفعية) لتصبح بديلاً للنهج الكلاسيكي. وعليه إذا كان الفرد في العصر الكلاسيكي ملزماً أمام الحكومة، فإنه في العصر الحديث وحتى في عهد الحكومات اللبيرالية فإنه يضع الحد الأدنى له ليتدخل في قضايا المجتمع؛ لأن الدولة ملزمة تجاه المواطنين، وبعبارة أخرى: فإنّ المواطن في العصر الكلاسيكي، كان يعتبر نفسه ملزماً بالقيام بواجباته تجاه الحكومة، غير أن الحكومة في العصر الحديث تضع نفسها في موقع الالتزام  للقيام بواجباتها تجاه المواطن.

ومن هذا المنطلق فإن الديمقراطية الغربية في العصر الحديث ومن خلال تعزيز المكونات الليبرالية كالفردية والنفعية والحقوق الفردية والخاصة والحرية المستمدة من أفكار هوبز ولوك و روسو قد حققت نموذجاً آخر للعلاقة بين المواطنة والدولة.

ثالثاً: الفرق بين مكانة المواطنة السياسية في الفكر الغربي الكلاسيكي والفكر الغربي الحديث

يرى أفلاطون إنه يمكن للمجتمع من خلال حكومة الفيلسوف أن يسير في الفضيلة التي تمر عبر العدالة وذلك عن طريق الحكيم. وحسب رأيه  بما أن الديمقراطية تبتني على الحرية، والأفراد يرومون التصرف بناءاً على ارادتهم لهذا ستكون هشّة غير مستقرة، وفي النهاية ستؤدي إلى الحرب أو الديكتاتورية (كويره،1389:98).

فأرسطو يؤمن أن للمجتمع الأولوية على الفرد ويعتقد انه من الممكن تحقيق القدرات البشرية ضمن الروح السياسية والاجتماعية التي تحكم الإنسان(كلوسكو،1389: 98) لذلك على الرغم من أن حكومة أرسطو المفضلة هي الجمهورية إلا أنه يعتبر الديمقراطية هي حكومة الفقراء الذين لا يتمتعون بفضيلة الوسطية والاعتدال. (أرسطو،  1349 :156-164)

وفي العصر الحديث، ونتيجة الطبيعة الذرية، والفردية والحقوق الطبيعية والعقل الآلي للمواطن المعاصر، فقد تم فصله عن العلاقة الموجهة نحو المهام  في العصر الكلاسيكي، حيث سرت الأحقية من المواطن إلى الدولة، وبدلاً من ذلك  أصبحت الحكومة مضطّرة لتلبية الاحتياجات الطبيعية للمواطن.

فالديمقراطية بهذا المعنى ليست مجرد نمط أو فلسفة اجتماعية سياسية، بل هي نموذج اجتماعي يبتني على نظام قيم خاصة قائمة على العقل وحرية الإنسان.  ومن هذا المنطلق، تظهر الديمقراطية في الغرب المعاصر في اطار النظام الديمقراطي على شكل تفويض السلطة للشعب ليقوم في إضفاء الشرعية على السلطة والنظام السياسي. (افتخاري،1385 : 60)  إنّ المواطنة  الحديثة في الغرب المعاصر ذات هوية تضفي الشرعية في خدمة الإدارة التوافقية للأمور والحفاظ عليها(روبرتسون 1385: 35)0

 

5 0مفهوم ومكانة المواطنة في الديمقراطية الدينية

أولاً: منزلة الإنسان المثالي في الفكر الإسلامي

وفقاً للمعايير الإسلامية فإنه يُنظر إلى الإنسان على أنه من أفضل مخلوقات الله والغاية من خلقته هي الرقي والكمال  في الدنيا والآخرة، ومن هذا المنطلق، وخلافاً لرأي البعض أمثال هوبز، فإن البشر في الفكر الإسلامي يمتلكون فطرة طيبة وسليمة، وقدرة العقل والوحي يستطيعان مساعدته ليصل إلى غاياته وفي الحقيقة إن البشرية قاطبة تستحق أعلى درجات الاستمتاع والسعادة. وهي تمتلك  القدرة للوصول إلى مقام الكمال الإنساني. وفي لغة الشريعة فإن معيار الكمال النهائي للإنسان هو القرب من الله تعالى(مصباح اليزدي87 13 :195 و246 )، ومن هذا المنطلق فإن النظام الإسلامي نظام  المعايير والقيم وغايته تقريب البشرية جمعاء من الله (عزّ وجلّ) لضمان فلسفة الهدف من الخلقة، ووفقاً لنظرية الديمقراطية الدينية يصبح الإنسان خليفة الله على الأرض وفي مسير السعادة الروحية وتكون حياته ذات مغزى. (البقرة:30).

ومن هذا المنطلق، وخلافاً لوجهة نظر هوبز التي تعتبر الإنسان بطبيعته شراً بل ذئاباً بعضهم على بعض، فالإنسان المتدين يتمتع بكرامة وقيمة ذاتية(الاسراء:70)  ووفقاً للآيات والروايات المختلفة، فإن أهم ضرورة يحتاج إليها المواطن في المجتمع الديني الكمال والمعنويات. ولهذا فإن ذات الإنسان تميل إلى التفكير والتعقل(آل عمران:191) لذلك فهو الموضوع الذي يمكن من خلاله معرفة العالم، غير أن هذه المعرفة تكمن في معرفة الله. وعلى العكس من المواطن الغربي، فان عقل الرجل المتدين في المجتمع الإسلامي لا يعتبر متأصلا بنفسه، إنما هذا العقل من قوى الله(تعالى)ويقع في طول العقل الإلهي. ولهذا فإن القوى المعرفية الأخرى للإنسان المسلم متمركزة حول الله، ولذلك يتحدث الإسلام عن الطبيعة والفطرة كإحدى وسائل الإدراك إلى جانب العقل ليستفيد منها الإنسان في طريق الحياة الطيبة والسعادة (الروم:30).

 

 

ثانياً: المواطنة السياسية في نظام الديمقراطية الدينية                   

بحسب الرؤية الإسلامية فإن الإنسان يتميز بأنه انسان  بالنسبة الى الله وهذه العلاقة حقيقية وليست مصداقية :”ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون”الحشر:19، وبما أن الهوية البشرية في المرحلة الاولى هي مجرد امكانات حيث لا تتحقق الا في اطار المجتمع؛ لذا يجب تصميم النظام الاجتماعي بطريقة تتناسب مع هذا الغرض، وتصبح هذه العمارة ممكنة حينما يوجد في قمة هرم السلطة شخص يتمتع بقدرة على تمييز ما يصب في مصلحة المجتمع وما يضره، وبشكل عام يأخذ بناصية المجتمع نحو المزيد من الخير0(لاريجاني،1382:  128)0

إن تواجد مكون الجمهورية في الديمقراطية الدينية يُبين مدى الاهتمام الخاص بحقوق المواطنة في هذا النظام ويظهر علاقة المكون الإسلامي، الوشيجة الإلزامية بين المواطنين والنظام. بعبارة أخرى: رغم أن شرعية وأحقيّة الديمقراطية الدينية ومبدأ التشريع وتفويض حكومة الولي الفقيه من عند الله وإمام الزمان(ع) وتنصيب الفرد يجب أن ينسب إلى اذن إمام الزمان، رغم كل ذلك غير أن تحقق واستقرار الحكومة يتوقف على إرادة الشعب. (مصباح اليزدي1378: 70)، ومن هذا المنطلق فإن تحقيق الديمقراطية الدينية وترسيخها حقّ وواجب المجتمع الإسلامي، خلافاً لنظام  الفيلسوف الإمبراطوري الأفلاطوني، حيث يتمتع الفيلسوف الحاكم بسلطة أعلى وبعكس الأنظمة الليبرالية والديمقراطية الغربية التي يكون استجواب الحكومة أكبر وأهم. إن اقامة الحكومة والحفاظ على الديمقراطية الدينية واجب ديني وسياسي على جميع المواطنين؛ لأن الإرادة العامة للمواطنين ليست في مضاعفة الفوائد والأرباح وإنما هي السير في طريق الفضيلة والسعادة والفكر الإسلامي. ولهذا فإن دستور الجمهورية الإسلامية جعل مبدأ الديمقراطية الدينية أصلا لا يمكن تغييره حيث يقوم على أصول كالتوحيد والوحي والقيامة والعدالة الإلهية والقيادة المستمرة والاجتهاد الدائم لفقهاء الشيعة ورفض كل أنواع الظلم والجور والإجحاف. (دستور جمهورية ايران الإسلامية المادة الأولى والثانية) وجميع هذه من ضروريات المواطنة السياسية في الديمقراطية الدينية.

 

 

 

 

وسنقوم بإجراء مقارنة بين المواطنتين في مجالي:

أ.الحقوق السياسية للمواطنة في الديمقراطية الدينية

خلافاً للمواطنة الغربية، فإن الجنسية والعرق واللون والثقافة وما شابه ذلك لا محل لها من الإعراب في مفهوم المواطنة القائمة على الديمقراطية الدينية، فأي مسلم أينما تواجد من الكرة الأرضية فهو مواطن مسلم ينتمي إلى الأمة الإسلامية.

إن العنصر الوحيد الذي يلعب دوراً بارزاً في تحقيق المواطنة هو الاعتقاد، وهذا يكفي لينظر إليه كمواطن مسلم وعضو من الأمة الإسلامية. فالمذاهب والنحل والثقافات والعرق واللون والدم وما شابه ذلك لا تلعب أي دور في تحقيق واثبات المواطنة الإسلامية أو سلبها؛ لأن القرآن يعتبر شريعة الدين الإسلامي  هي نفسها منذ زمن آدم(ع) وحتى بعثة النبي الخاتم محمد(ص)(انصاري ونظري، 18:1394)

وبناءاً على ما قيل فإن الديمقراطية الدينية الحديثة تتبلور في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية ،وقد أشير إليها في الدستور تحت عناوين مثل حقوق الشعب، وسيادة الأمة والقوى الناشئة عنها في ثلاثة محاور:

1- المساواة في الحقوق الأساسية بغض النظر عن اللون و القومية و000و الاستمتاع بحقوق الإنسان والحريات الفردية كحق الحياة، والملكية، واختيار السكن والعمل والدين والمذهب، وحرية الفكر والعقيدة و000مع مراعاة المعايير الإسلامية0

2-الحفاظ على أرواح وكرامة الأفراد والامتناع عن التجسس عن العقائد و التعذيب و000

3-سيادة الإنسان على تقرير مصيره الاجتماعي التي فوضها الله إليه، والحق في اختيار الحكام وسائر وكلاء الحكومة.(دستور جمهورية ايران الإسلامية، الفصل الثالث والخامس).

ب. مسؤوليات وواجبات المواطنة السياسية في الديمقراطية الدينية

مقابل الحقوق التي يتمتع بها  المواطنون هناك مجموعة من التزامات يجب على العمل بها، وهي في الحقيقة ستؤمن نفس الحقوق. ففي قوانين الديمقراطية الدينية ثمة أمران بهما تضمن الشرعية ويتم تأمين تطبيق القوانين في المجتمع، وهما:

الأول، الإشراف، حيث يجب اختيار الولاة من التقاة الثقاة الملتزمين حتى يتصرفوا طبقاً للشريعة والقوانين الإسلامية، إنّ هذا الإشراف الذي يحمل طابعاً دينياً وأخلاقياً يعتبر بعداً آخرَ من الرقابة إلى جانب بعد الرقابة الخارجية والعامة.

ففي الفكر الإسلامي يتم الإشراف الدقيق والدائم عن طريق عامة الناس. وفي هكذا مجتمع، لا يوجد أحد غير مبال بما يجري حوله ومن خلال اتصاله بالشبكات الاجتماعية الواسعة في البلاد، سيحسن مسار أمور المجتمع ليتجه نحو المنحى الذي عينه الله”سبحانه” (نوروزي :8:1393 )

الثاني: المشاركة السياسية إذ إن الديمقراطية الدينية كما في الجمهورية الإسلامية ،إضافة الى القبول العام من قبل الفئات المجتمعية المختلفة، تتبلور كذلك في المشاركة السياسية، حيث يعتمد أساس تشكيل الحكومة على إرادة الشعب. ما يخلق ثقة متبادلة بين الحاكم وطبقات الشعب، وقد تحدث الإمام الخميني(رضي الله عنه) في هذا المجال عن المشاركة التامة في الانتخابات الإيرانية وفي كامل الحرية(الخميني76 3 1)وقد اعتبر قائد الثورة: عدمَ المشاركة وعدمَ الإشراف من الذنوب الكبيرة : إنّ عدم اشراف المراجع والعلماء والكسبة والعمال والفلاحين و الموظفين على الأمور أو التقاعس أحياناً  يعدّ من الذنوب الكبيرة0الجميع مسؤولون تجاه البلاد والإسلام والأجيال القادمة. (الخميني1386 : 224).

 

6-المواطنة السياسية في الأنظمة الديمقراطية الدينية والديمقراطية الغربية

لطالما لاحظنا إصرار الحكومات الغربية ـ في نموذج المواطنة الغربية ـ على صيانة الحريات الفردية، إلا أن تلك الحكومات تتهرب أو تتقاعس في نفس الوقت عن قبول المسؤولية تجاه المجتمع، لذلك يتم نقل وجهة النظر الذرائعية إلى المواطنة السياسية حيث تصبح منصة للوصول إلى المصالح الشخصية. وبناءاً على هذه الرؤية، سيتم التخلي عن الالتزامات الاجتماعية لصالح الحريات الفردية(براتعلى بور202:1383 ) وبعبارة أخرى: لقد أصبح حقُ المواطنين في الغرب الحديث، تابعاً للخصوصيات الفردية للإنسان، وبسبب طبيعته الإنسانية أصبحت المواطنة السياسية هناك ذات ميول توسعية؛ لخلو الغرب من أي شيء يحدد حرية الأفراد، فكل فرد، مستقل عن النظام السياسي، حيث يُمنع ورود الحكام محوطة الأفراد؛ لأن القوانين لا تسمح لهم وعليه، ففي الرؤية السياسية الحديثة يجب أن لا يكون هناك شيء أو قانون يقيّد حرية الأفراد، فالمواطن المعاصر هو من يعيّن أحقية (حقانية) السلطة والحكومة، ويرجع ذلك إلى التغيير الذي طرأ على وجهة نظر المواطن في الغرب الحديث من النظرة الكلاسيكية إلى وجهة النظر اليمينية.

وفي هذه النظرة تنبثق الديمقراطية من حق سيادة الشعب واقتداره، أمّا الفارق الكبير بين المواطنة الكلاسيكية والحديثة يعود إلى قضية تقرير المصير، حيث ينظر الفكر الكلاسيكي إلى الفضيلة والتعليم والأخلاق على أنها ضرورية وعلى إدارة العلوم السياسية والحكومية القيام بها، بينما يرى الفكر الحديث أن الحكومة والسياسة ليست إلاّ وسيلة لتلبية حوائج الأفراد.

ومن جانب آخر فإنّ المواطنة السياسية في المجتمع الإسلامي هي حقوق و واجبات. وقد حصل المواطن على هذه الحقوق الفردية  والاجتماعية من خلال      المكانة التي يتمتع بها في نظام الخلقة، وهي طبيعية ذاتية تعاقدية الهية لا تنفصل عنه؛ لأنها خُلقت من أجله، بغض النظر عن العرق أو الجغرافيا أو المذهب.  إن قيام  المواطن السياسي بالواجبات في الديمقراطية الدينية تجاه الله والناس والمجتمع والآخرين والحكومة الدينية، ستصبُ في مصلحته، وتوصله إلى السعادة الفردية والاجتماعية، لذلك على المواطن ـ سياسياً ـ في نظام الديمقراطية الدينية أن  لا يفكر بمصالحه الفردية فقط، بل يضع ، الله، والمجتمع، والحكومة الدينية  وسائر المواطنين نُصبَ عينيه دائماً.  ومنشأ هذا الاختلاف في الحقوق والواجبات بين الديمقراطية الدينية والغربية يعود إلى الفروق العميقة بين طبيعة الإنسان وماهيته. وبما أنّ منهل الفكر الإسلامي والديمقراطية الدينية، يعتمد على مصادر دينية كالقرآن والحديث، فمن الطبيعي أن تكون رؤيته إلى الإنسان ومدنيته أرقى من الرؤية الأرسطية له بكونه حيواناً سياسياً ومن رُؤى الغرب الحديث له.

إن استيعاب المواطنة السياسية للديمقراطية الدينية يُفهم في إطار الحكومة الإسلامية. حيث تُقام الحكومة على مبدأ الولاية، وهي في الزعامة الإسلامية جزء من النظام الفكري الإسلامي الذي يمتلك فيه الإنسانُ طبيعة إلهيّة وهوية حقيقية، ومن هذه الرؤية نلحظ الفرق بين الإسلام والعلمانية التي تنظر إلى الإنسان نظرة رمزية، بل حسب عقد اجتماعي(كسائر العقود الاجتماعية) أو صلة اعتبارية ( وهنا يتضح الفرق  بين علاقة المواطن بالحكومة الليبرالية التي تحصل على شرعيتها عن طريق الشعب والديمقراطية الدينية).

وأدناه نوضح من خلال الجدول مكانة المواطن السياسية في كلا النظامين؛ الديمقراطية الدينية والديمقراطية الغربية

 

المكانة السياسية للمواطن ( علاقة المواطن بالدولة)

النظام السياسي بلحاظ الواجبات بلحاظ الحقوق
الديمقراطية الغربية التقليدي قبول تقدم المجتمع على الفرد ـ لزوم قبول القوانين الطبيعة عدم امتلاك الحق في تقرير المصير
الحديث مكلف بقوانين الدولة العلمانية والمحددة الحقوق الاعتيادية كحق الحياة  وحق الملكية وحق العيش بأمان  وحق الحرية والحق بتقرير المصير الاجتماعي حق الحرية بالاعتقاد والحقوق الشخصية
الديمقراطية الدينية ملزم بالحقوق الالهية في القوانين وحقوق قائد المجتمع السياسية والاشراف السياسي العام والمشاركة السياسية المساواة في الحقوق الأساسية بعيدا عن الامتيازات الجغرافية والدينية ـ الحفاظ على أرواح واعراض وشؤون الافراد ـ تحكم الفرد في تقرير مصيره الاجتماعي ـ حق انتخاب المسؤولين امتلاك المسؤولين والحكام لخصائص مثل التقوى والعدالة

الجدول رقم 1

ووفقاً للجدول أعلاه، فإنّ حق المواطن في النظام والفكر الكلاسيكي يُبنى على العيش طبقاً للقوانين الفلسفية التي تؤدي إلى أفضل طريقة للحياة. وأمّا في النظام السياسي الحديث، فإن حق المواطنين هو تابع للخصائص البشرية الذرية الفردية، وبسبب هذه الطبيعة الإنسانية اتخذت المواطنة السياسية طابعاً ذا ميول توسعية.

وحسب الفكر السياسي الغربي الحديث، فإنه لا يوجد أي قانون يحدد حريةَ الأفراد؛ لأن كلَّ فرد مستقل عن النظام السياسي ولا يسمح للحُكام بالتدخل في نطاق حرية الأفراد (كاتوزيان1382  : 81) بينما نرى الديمقراطية الدينية بُنيت على أساس حكومة إلهية قائمة على الشرعية الدينية والقبول الشعبي، فهي تؤسس وفقاً للقوانين الإسلامية من خلال الحقوق المادية والروحية للشعب حيث توفر الأرضية المناسبة للوصول إلى الفضيلة والسعادة، وفي نفس الوقت تطالبهم بالقيام  بواجباتهم.

وبعبارة أخرى، فإن حكومة الديمقراطية الدينية نموذج يحتوي على محاسن الحكومة الأفلاطونية والأرسطية ويؤمّن الحقوق الطبيعية(الحياة، الحرية، الملكية) التي تمثل النظريات الغربية الحديثة أيضاً.

من هذا المنطلق فإن هذا النموذج يُبنى على ركيزتين:1-تعاليم الوحي 2- السعي وراء الأهداف من خلال الإرادة العامة. وهكذا فإن نظام الديمقراطية الدينية يعتمد على ركنين: إلهي وإنساني، وبناءً على العقيدة الإسلامية يقوم هذا النظام بإظهار العلاقة بين المواطنين والحكومة  (عيوضي،1389: 291) وفي نفس الوقت فإن الحكومة الدينية التي تعتمد على الولاية تتفوق على رؤية العقد الاجتماعي لروسو الذي يُراد به تلبية الحوائج المادية  للإنسان عن طريق الحكومة. إذ في النظام الديمقراطي الديني، يتقبل عامة الشعب الحاكم الإسلامي بقناعة تامة على أنه شخص له الحق في الحكم من جانب الحق تعالى، حيث جاء لا ليؤمّن حقوقهم الطبيعية كحق الحياة والحرية والملكية، وحسب بل إنّه لخبرته وقدرته في تمييز الخير من  الشر ومصالح البشر من مضراته، فإنه يستطيع أن يدنيهم من غاية  الخلقة وهي القرب من الله(تعالى).  وهكذا يتضح الفرق بين المواطنة السياسية في الغرب والإسلام، حيث نستطيع القول بأن الغاية في الإسلام تتمثل في القرب من الله سبحانه، فيما يستخدم المواطن السياسي في الغرب السياسة وسيلة للحفاظ على حقوقه الطبيعية، فمثل هوبز يرى أن انتقال الإنسان من الحالة الطبيعية إلى الحالة الاجتماعية عن طريق العقد الإجتماعي  ونموذجه  العصري  ـ الديمقراطية ـ وسيلة  للحفاظ على الوضع الراهن للإنسان، ويرى روسو أن انسانيته تحتمي بالإرادة الكلية المتجه للخير والمصلحة العامة(كوبلستون،1380: 85)0وفيما يتعلق  بالاختلافات الأساسية بين المواطنة السياسية في النظام الديمقراطي الديني الذي تبلورَ في الجمهورية الإسلامية، والنظام الديمقراطي في الغرب يمكن القول:

1-تُعتَبرُ الحقوقُ الإلهيةُ من أهم حقوق الديمقراطية الدينية، و يجب على الحكومة والمواطنين احترام هذه الحقوق، خلافاً للديمقراطية الغربية ذات الطبيعة العلمانية.

2-إن الديمقراطية الدينية تنظر إلى الحقوق الفردية والاجتماعية للمواطنين نظرة متساوية، وهذا التوازن يكون سبباً في رقيها وعلى العكس من النظام الليبرالي الديمقراطي الذي يركّزُ على حقوق المواطن الفردية أو النظام الديمقراطي الاشتراكي الذي يؤكّد على الحقوق الاجتماعية فقط.

3-إن شرعية الحكومة في رؤية الديمقراطية الدينية لها منشأ عقلاني،  وهذه العقلانية تحققت للمواطن في ظل المجتمع الإسلامي.

4- نظراً لوجود مواطنين يؤمنون بالمبادئ الدينية؛ لذا يجب أن يتحلى الحكام بشروط خاصة لتولي المناصب الحكومية أهمها العدل والورع والتقوى، إضافة إلى الاطلاع على القوانين.

5-أصالة المواطنين وممثليهم في نظام الديمقراطية الدينية(أفروغ،1380: 108)

 

 

الاستنتاج

إنّ الواقع يلوّح الى أن العلاقة بين السياسة والمواطنة هي علاقة  داخلية متبادلة   بين الأفراد والحكومة في المجتمع وذلك نتيجة للإرادة العامة.

إذ إن صورة المواطن السياسية وتنظيم العلاقات بين الأفراد والحكومة في المجتمع تظهر طبيعتها من خلال رؤيتها ونظرتها السائدة في المجتمع.

والاعتراف بهذه العلاقات يعني علاقة نظام الحقوق والواجبات الذي يعتمد على المبادئ العامة مثل أولوية تقديم المجتمع على الفرد أو الفرد على المجتمع وقبول القانون الطبيعي والقانون الإلهي أو القوانين الوضعية، وكذلك الميول الدينية أو العلمانية في الحكومات.

لقد قدمت الأفكار الثلاثة ،الفكر الكلاسيكي الغربي، والفكر الغربي الحديث، وفكرة الديمقراطية الدينية، على امتداد السنين، ثلاث صور مختلفة للمواطنة السياسية0   حيث يمكن فهم وجهة نظر الأفكار الثلاثة في كيفية تعاملها مع المعضلات الاجتماعية مثل: الفقر والفوارق الطبقية والفساد الأخلاقي وما شابه ذلك، فالمجتمع الليبرالي القائم على الرؤية الذرية ،لا يلتزم ولا يتحمل أي مسؤولية وكذلك الحكومة، وكي لا تنتقص شرعية الحكومة يجب عليها الحفاظ على حقوق الأفراد وحريتهم، بينما ترى الديمقراطية الدينية أن على عاتق الحكومة والمواطن المسلم واجبات دينية كثيرة يجب القيام بها، منها  الحضور والمشاركة والإشراف على قضايا المجتمع0  ومن هذا المنطلق يبدو أن مستقبل المواطنة في الغرب لاسيما الغرب الحديث قد وصل إلى أزمة، ونفق مسدود، وذلك بسبب كثرة الفجوات الأخلاقية والتحديات التي تقطع أسسَ الثقة والتواصل بين الشعب والحكومة.

أما في الطرف الآخر، فإنّ المواطنة السياسية في الديمقراطية الدينية مبتنية على جعل الإنسان خليفة إلهية، وفيما يتعلق بالدين والمجتمع والحكومة فستلبى مطالبها الداخلية في إطار النظام بطريقة سليمة

 

                                            شبكة الهدف للدراسات/ قم المقدسة

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا