البراءة الشيعية ومسارات الكاظمي

555

د. مثنى الغانمي

لماذا تهافتت القوى السياسية الشيعية دون غيرها الى التبرؤ من اعلان مصطفى الكاظمي امر تعيين مجموعة شخصيات للدرجات الخاصة؟

قد تكون الصورة وللوهلة الاولى ضبابية امام جميع ابواب التفسير والتحليل الا بابا يعطيك تفسيرا واحدا مفاده ان القوى الشيعية لديها تصورات شبه مؤكدة بانها باتت قوى مرفوضة شعبيا وفشلت طوال ١٧ عاما في تمثيل جماهيرها بل واستغرقت في عمليات فساد كبرى كلفت خزينة الدولة اموالا طائلة وهي بذلك تريد النأي بالنفس عن كل ما في الساحة ليس زهدا بل تكتيكا لتجنب حملات رفض اوسع ربما تقودها جهات ضالعة باتفاقات مع من بمصلحته ابعاد الجانب الشيعي السياسي عن صورة السلطة.

وفي الحقيقة قد يكون الكلام مقنعا ولا يخلو من حقيقة الواقع المعاش الذي قادته القوى السياسية جميعها ليست الشيعية فحسب، الا ان المتغير الجديد الذي بات ملحا لاحراج السياسيين الشيعة والعصف باركان بيتهم وتعريضه للتهاوي، هو اعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي امرا بتغيير شخصيات وتعيين اخرى لدرجات خاصة شملت مفاصل مهمة كالبنك المركزي وامانة بغداد ووكالات في وزارة الداخلية وجهاز الامن الوطني والقائمة قد لا تنتهي مع قادم الايام.

ومع تشابك الصورة التي أُريد لها ذلك الا ان مهندس الوضع الحالي لم يفلح باخراج القصة الى النهاية ليس تناسيا او غباءً بل ان الواقع المعقد فرض عليه معادلة تغيير الشخصيات السنية والشيعية وحتى المسيحية فصار هناك متسع من النقاش من ان معظم الشخصيات توزعت مذهبيا ولكل شخصية انتماء مباشر وغير مباشر .

وهنا قد ينوي المخطط لاصدار امر التغيير الاخير العودة الى ساحة التأجيج ودفع الرأي العام الى اعادة نغمة المحاصصة في اشارة الى دور الاحزاب وحصر الموضوع بالاحزاب الشيعية وممارستها الضغط على رئيس الحكومة لاختياره شخصيات حزبية.

هذا ما يفسر امر التبرؤ الذي سارعت اليه بعض الاحزاب الشيعية لانها تدرك ان ازمتها والكاظمي كبيرة وعنوانها الثقة بعد ان حاول الكاظمي احراج السياسيين الشيعة على اعتبار انهم الاكثر تضررا على مستوى الشارع والتأييد المجتمعي.
فما زال الرهان قائما وهذا ما يقلق القوى الشيعية للان لايمانها ان الكاظمي هو رجل واشنطن المفضل وقد يعزف على اوتار مفضلة لدى واشنطن ودول خليجية تستهدف وبانغام عالية الاحزاب الشيعية لتهييج الشارع، وما اعلان امر التعيين بشكل مفاجئ وعدم تفسير اختيار شخصيات بعينها يؤكد فرضية حتمية ابعاد الشيعة عن السلطة بدعوى عدم وجود من يمثلهم بمعايير النزاهة والكفاءة سوى الطبقة التي ما انفك الكاظمي من محاولات الاطاحة بها منذ ايار الماضي ولحد هذه اللحظة.

مركز حمورابي للبحوث والدراسات الأستراتيجية

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا