عباس العرداوي
ورد في تراث أهل البيت عليهم السلام دعوات للحفاظ على الشباب والعمل على استيعابهم والحث على تفهم زمانهم واشهر ما ورد عنهم ( لاتقصروا اولادكم على تربيتكم لانهم خُلقوا لزمان غير زمانكم ).
والحديث الذي تصدر عنوان المقال يقال انه ورد في حث الآباء على حسن التربية لابنائهم حتى لا يكونوا طعما وصيدا سهلا لذوي الافكار المنحرفة كالمرجئة في ذلك الزمان، ولا شك ان هذا ينساق الى كل الآباء والتربويين والمسؤولين وكل مؤثر في المجتمع، سواء كان فنانا او صاحب منبر ثقافي او ديني او اجتماعي، فالكل مسؤول عن هذه الثمرة الإلهية وعن رعايتها وعن حمايتها، وتذويب كل العقبات امام فتح افاق ابداعها ونشاطها، حتى تزهر زاخرة بالعلم والمعرفة متسلحة في زمن الأمراض والأوبئة.
ولا شك ان العدو يدرك اهمية هذه الشريحة مما يتوجب زيادة التحصين والذود عنها.
ما حدث ياسادتي هو اننا كسبنا الثروات واضعنا الثمرات
نعم اقولها بمرارة كسبنا الثروات المادية والمعنوية وزدادت الكروش والعروش دون شك هذا كان شرك الشيطان وطعم العدو لنا في اهمال واغفال الثمرة الكبرى والعطاء الاعظم تلك هي شريحة الشباب.
لم يتنافس اهل الحل والعقد على مشاريع تربوية لهؤلاء ولم يُدرجوا المربين والمفكرين ضمن اهتماماتهم ، لانهم ببساطة لا يشكلون ريعًا مباشرًا ولا يغدقون ربحًا عاجلًا ، لم تكن اهتماماتهم لمجتمعهم ولوطنهم ولان هذه التجارة لم تكن ضمن وعيهم وفكرهم الذي تزاحمت عليه الارقام الفلكية، حتى انهم لم يشاهدوا بريق وندرة وجودهم، وهذا اشبه بقصة الذي وجد ماسه وذهب الى سوق الخضار لتقييمها فلم تكن في اعين بائعي الخضار سوى حجرة لامعة، ولم تحظ بمن يقيمها لذا ألقاها وذهب خائبا لانه لم يدرك قيمة ما القى، فمن قيمها له ليس مختصا او عارفا بها ولاذنب عليه انما الذنب على من ذهب اليه.
نفس الامر حصل مع ثمرة الفؤاد من شباب زاهر بعمر الورد منهم من أكمل علومه ومنهم من أبدع بحرفه ومنهم من ينتظر تسخير طاقته ونشاطه لخدمة بلاده، لم يكن نصيبه منها الا ان يهاجر وقد يكون طعمٌ للبحر او يصبر ويكون طعمٌ للفقر ،
واهل الحل والعقد انشغلوا عنه في جمع الثروات نعم حتى من امتلأ كرشه من الحلال مسؤول عن هذه الطاقات الشابة، لم يبادر اصحاب رؤوس الاموال لانشاء المصانع والمعامل والورش للاستفادة من هذه الطاقات وتوظيفها ولم تستوعب ضمن استثمارات حقيقية، ليكونوا شركاء في رفد الاقتصاد بعطائهم، فهؤلاء الشباب لم يبخلوا بدمائهم الطاهرة حين صدح صوت الحق مناديا للذود عن العراق وتدافعوا فرحين على سواتر العز لانهم بحق ابناء العراق
ولا يغادر الذاكرة ذاك الصوت المبارك
…الچف والساگ الطاحن فدوه بس كون مستورات …….
ممتلئ غيره وحمية وعز وإباء انه عراقي جنوبي وكفى
ماحدث وببساطة ان هنالك من وعى قيمه هذه الثمرة وحافظ عليها واشعرها الامان واستمع اليها نعم الاستماع وادرك قيمتهم ووظف طاقاتهم واثار حميتهم ووجه بوصلتهم الى هدف محدد وقدر قوتهم فاصبحوا قنبلة موجهه بدقة تسير بصمت لتسمع من استجهلها اثرها.
وهو نص ماتطلبه منا الشريعة والاثار المباركة عن ائمة آل البيت التي ركزت على هذه الشريحة وطالبت حتى على مستوى الحرف ان تتعلمها وان تتقنها وان تنصت اليها واتشارك الرأي والقول وتصوب باحتراف نحو الاهداف السامية للاسف هذا الفشل تتحمل مسؤليته الاسرة قبل المجتمع لانها البيئة الاولى التي غذته ومنها خرج الى المجتمع اللقمة الحلال والسلوك القويم والقدوة الحسنة كلها عوامل مهمة في تربية الفرد وتنعكس على المجتمع وتناله منها اثاره ونتائجه
ولان الثمرات لازالت تتدفق الى المجتمع اجد لزاماً بحسب النتائج السابقة ان نعمل بجد اباء وامهات افراد ومؤسسات بكل الثقافات وباستخدام كل الوسائل المتاحة من اجل دعم قطاع الشباب والاهتمام بهم بجد وحزم وضبط إيقاع المستقبل اجد ان توفير فرص العمل المناسبة والعيشة الكريمة هي اهم مقدمات الاقناع لكسب هذه الشريحة المهمة تدارك ما فات والتعلم من التجربة السابقة تكفي للحفاظ على هذه النعمة…
شبكة الهدف للتحليل السياسي والأعلامي