مياه الخليج ساخنة للغاية.. إيران تصّعد ضد الإمارات والسبب تهور واندفاع الأخيرة نحو الأحضان الإسرائيلية الأمريكية

550

د. حسن النوري

أطلقت إيران تصريحات نارية ضد الإمارات وتخلّت عن اللغة الدبلوماسية التي انتهجتها بعد اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي. وجاءت هذه التهديدات ضمن سلسلة من تصريحات واضحة مباشرة من أشخاص غير تقليديين في النظام الإيراني.

فأمير عبد اللهيان مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية قال: “ستكون الإمارات في دائرة الرد الإيراني إذا استهدفت اسرائيل الأمن القومي الإيراني انطلاقاً من المنطقة الخليجية”.

ليكمل هذه التصريحات المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية قائلاً: “طهران لا تمزح بشأن أمنها وإسرائيل غير قادرة على حماية نفسها كي تحمي الإمارات”.

المتابع للغة التي اتبعتها إيران في ملف التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي، سيلاحظ بشكل واضح تصاعد حدة اللهجة تجاه الإمارات واتباع النهج التهديدي الواضح والمباشر. فبعد أن انتقدت هذا الاتفاق بلغة دبلوماسية ودعت الإمارات للتراجع عنه، صّعدت إيران من لهجتها ضد الإمارات وأطلقت تهديدات نارية واضحة ومباشرة ضد الإمارات. ولعل هذا التصعيد جاء في سياق تصريحات مهمة أطلقها وزير الخارجية الأمريكية “مايك بومبيو” اعتبر فيها بأن الاتفاق بين الإمارات واسرائيل يشكل الحجر الأساس لتبلور حلف إقليمي ضد إيران.

هذا التصريح اعتبرته القيادة الإيرانية تهديدا مباشراً لأمنها القومي. وبالتالي تمّ إلقاء كل التصريحات الإماراتية السابقة التي تحدثت عن أن الاتفاق مع اسرائيل ليس موجهاً ضد إيران، تمّ إلقائها إلى البحر. وأصبحت إيران تنظر إلى الإمارات كشريك محوري لإسرائيل.

وأما بعد هذا التصعيد، تُرى ما الذي تملكه إيران من خيارات للرد على هذا الحلف الجديد؟

في مراجعة قصيرة لعملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني في العراق، نجد بأن إيران هددت بشكل علني الدول الخليجية (دون إستثناء) بأن أي دولة تتحرك منها قوات أو طائرات أمريكية ستكون في دائرة الرد الإيراني. وبأن إيران لن تتوانى عن قصف أي موقع في منطقة الخليج كرد طبيعي ومباشر لأي اعتداء محتمل.

الإمارات وبفتحها المجال أمام إسرائيل لايجاد موطئ قدم لها في مياه الخليج، صنّفت نفسها على أنها عدوة مباشرة لإيران. فالعلاقات الإماراتية-الإيرانية قبل عملية التطبيع كان يشوبها الكثير من الغموض، فلا يمكن توصيفها على أنها علاقات عداوة، كما لا يمكن توصيفها على أنها علاقات صداقة، ولكن الشيء الوحيد الثابت في هذه العلاقات كان البّعد الاقتصادي والحجم المرتفع للتبادلات التجارية بين البلدين. وبعد عملية التطبيع ستكون الإمارات مبدأ مهما سيستغله الإسرائيليون لتشكيل خلايا تجسس إسرائيلية تستهدف إيران. وقد تكون الإمارات أيضاً منطلقاً لشن هجمات جوية ضد إيران. كما ينظر الإيرانيون إلى هذه الخطوة على أنها اقتراب من الحدود الوطنية، وبأن هذا تهديد لأمنها القومي.

والأخطر من هذا وذاك، يبدو بأن إيران تنظر اليوم إلى صفقة الطائرات الأمريكية (F35) على أنها صفقة موجهة بشكل مباشر ضدها.

وأما عن خياراتها في التعامل مع هذه التحركات، فلإيرانيون يملكون خيارات عديدة. فالرد المباشر هو أحد أهم الخيارات المطروحة على الطاولة الإيرانية. كما يمكن أن يأخذ هذا الرد شكلين كالتالي:

الأول: ضربات مباشرة-استباقية، كتلك الضربات التي توجها إسرائيل لإيران في سوريا. فالمصالح الإسرائيلية التي من المقرر أن يتم تنفيذها في الإمارات، أصبحت على بُعد قيد أُنملة من إيران. والصواريخ الإيرانية المطورة وطائراتها محلية الصنع ذات الكفاءة العالية أصبحت قادرة على ضرب المصالح الإسرائيلية أينما كانت في منطقة الخليج.

الثاني: قد تختار إيران عدم الرد مؤقتا، ولكنها ستحتفظ بحق الرد المباشر والعنيف ليس فقط ضد المصالح الإسرائيلية في الإمارات وإنما استهداف الإمارات نفسها، إذا ما تعرض الأمن القومي للانتهاك سواء من الأمريكيين أو الإسرائيليين. وهنا لا يبدو بأنّ إيران ستهتم بالدولة التي ستشن منها الهجمات ضدها. لإن إيران ستضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية أينما كانت.

لا تقتصر خيارات إيران على الرد المباشر، بل تستطيع إيران التحرك عبر أذرعها في المنطقة. هذه الأذرع التي ربّتها إيران على مدى أربعين عاماً، وجهزتها بصواريخ متطورة وأسلحة نوعية قادرة على استهداف الأراضي الإماراتية بشكل مباشر. ويمكن أن يأتي الرد عبر الوكلاء عبر أشكال عدة منها صواريخ ومسيرّات يطلقها الحوثيون القريبون من الحدود الإماراتية أو عن طريق خلايا نائمة لحزب الله في الإمارات أو تدخل مباشر لقوات الحشد الشعبي.

كل هذه السيناريوهات الخطيرة، جاءت نتيجة تهور واندفاع إماراتي نحو الحضن الإسرائيلي وعقد صفقة تطبيع مجانية مع الجانب الإسرائيلي من ناحية، وتوريط غير مسؤول من قبل الإدارة الأمريكية للإماراتيين وجعلهم طرفاً مباشراً في حلف إسرائيلي-أمريكي ضد إيران. ما يمكن قوله عن هذه الخطوات هي خطوات خطيرة ومتهورة ستجعل الإمارات مسرحاً لعمليات انتقامية أو عمليات لرد مباشر ضد تدخلات إسرائيلية ضد إيران وهذا سوف يدمر أولاً وقبل كل شيء الاقتصاد الإماراتي القائم على السياحة والنفط. فهل ستكون إسرائيل قادرة على حماية الإمارات، أو لطرح السؤال بشكل أعمق، هل ستكون إسرائيل معنية بحماية الإمارات؟

رأي اليوم

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا