أجمع المحللون للشؤون العسكريّة والأمنيّة في الإعلام العبريّ بأنّ حزب الله اللبنانيّ، لن يتوّقف عن المحاولات لتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ يسقط فيها جنود من جيش الاحتلال، لافتين في الوقت عينه، نقلاً عن مصادرهم الوثيقة وواسعة الاطلاع في المؤسسة الأمنيّة بتل أبيب، إلى أنّ خطاب الأمين العّام للحزب، السيّد حسن نصر الله، ظهر أمس الأحد، أكّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ أنّه ما زال مُصّرًا على “جباية ثمن” استشهاد أحد عناصره في عدوانٍ إسرائيليٍّ نفذّه سلاح الجوّ في محيط مطار دمشق في تموز (يوليو) الفائِت، على حدّ قولهم.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال روني دانيئيل، مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، والذي يُعتبر في إسرائيل الناطق غير الرسميّ لجيش الاحتلال، قال إنّ خطاب السيّد نصر الله أكّد أنّ الرجل ما زال متمسّكًا بإخراج عمليةٍ عسكريّةٍ ضدّ إسرائيل لإثبات مصداقيته من ناحيةٍ، ومن الجهة الأخرى التأكيد لكلّ مَنْ في رأسه عينان أنّ المعادلة التي وضعها نصر الله، ستخرج، للأسف، إلى حيّز التنفيّذ، وأنّ الثمن سيكون قتيلاً أوْ أكثر في العملية المُقرّرة، وفق مصادره، أنْ ينفذها الحزب على الحدود الشماليّة للدولة العبريّة.
بالإضافة إلى ذلك، وردًّا على سؤال مُقدّمة النشرة المركزية في القناة الـ12 حول استعدادات جيش الاحتلال على الجبهة الشماليّة خشية تنفيذ العملية من قبل حزب الله، قال المُحلل العسكريّ إنّه تحدّث حول الموضوع مع كبار المسؤولين الأمنيين في هيئة الأركان العامّة بجيش الاحتلال، حيثُ كان الردّ إنّ حالة التأهّب القصوى للجيش الإسرائيليّ ستستمّر إلى أجلٍ غير مُسّمى، مُشيرًا إلى أنّ تقديرات المؤسسة الأمنيّة تؤكِّد أنّ حزب الله لن يتنازل عن تدفيع إسرائيل ثمن استشهاد أحد عناصره في دمشق إثر العدوان الإسرائيليّ، على حدّ قوله.
وكان لافتًا للغاية، وخلافًا لخطاباتٍ سابقةٍ للسيّد نصر الله، أنّ وسائل الإعلام العبريّة سلطّت الأضواء مُباشرةً بعد انتهاء خطاب نصر الله أمس الأحد على التهديد الذي أطلقه ضدّ إسرائيل، ولم يكُن ذلك ليحدُث دون الضوء الأخضر من الرقابة العسكريّة، التي سمحت لوسائل الإعلام بتحليل الخطاب، وعدم الاكتفاء بنقل مقاطع منه فقط، كما جرى في مرّاتٍ عديدةٍ، علمًا أنّ إسرائيل مُنشغِلة كليًّا بتفشيّ وباء كورونا المُستجّد، حيثُ يصِل عدد المُصابين يوميًا إلى حوالي ألفيْن اثنين، وبالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها، وهي أخطر أزمة عرفتها إسرائيل منذ العام 1975، والتي دفعت المسؤول عن الميزانيات في وزارة الماليّة، شاؤول مريدور، إلى تقديم استقالته أمس الأحد واتهام الوزير يسرائيل كاتس بانتهاج سياسة ديكتاتوريّة في الوزارة، بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، ما زالت الدولة العبريّة مُنشغلةً بدون نتائج تُكر، بما يُسّمى إسرائيليًا بـ”إرهاب البالونات” من قطاع غزّة، والذي أدّى حتى اللحظة لاندلاع مئات الحرائق في جنوب الدولة العبريّة، وإحداث خسائر اقتصاديّة كبيرة.
وفي سياق ردود الأفعال على خطاب نصر الله، قال الجنرال في الاحتياط شيمعون شابيرا، لسكرتير العسكريّ السابِق لرئيس الوزراء والذي يُعتبر مُختصًا لشؤون حزب الله في المعهد الأورشليميّ لقضايا الجمهور والدولة، قال لصحيفة (يسرائيل هايوم)، الصادرة اليوم الاثنين، إنّ نصر الله ما زال مصرًا على تنفيذ معادلته التي وضعها: عنصر من حزب الله مُقابِل جنديّ إسرائيليّ، على الرغم من أنّه لم ينجح في ثلاث محاولات سابقة، على حدّ زعمه، ووفقًا لأقوال الجنرال الإسرائيليّ، فإنّ الأمين العام لحزب الله ما زال مصممًا على مواصلة المحاولات لضرب أهدافٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ، تقع بالقرب من الحدود اللبنانيّة، أمّا الجنرال في الاحتياط كوبي ماروم، فقد قال للقناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، إنّ إسرائيل مُلزمةً باستعادة الردع الذي فقدته منذ حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، وبالتالي، تابع، يتعيّن عليها توجيه ضربةٍ قاسيةٍ ومؤلمةٍ جدًا لحزب الله، مؤكّدًا أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لـ”تأديب” الحزب ومنعه من التفكير بالانتقام من إسرائيل على مقتل أحد عناصره في دمشق، كما أكّد للتلفزيون العبريّ.
يُشار إلى أنّ مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، كان قد نقل عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها إنّه في حالة قيام حزب الله بتنفيذ عمليةٍ عسكريّةٍ ضدّ إسرائيل، فإنّ جيش الاحتلال أعدّ خطّةً شاملةً للهجوم على جنوب لبنان، وإحداث هزّةٍ أرضيّةٍ، هدفها دفع سُكّان الجنوب إلى النزوح باتجاه الشمال، لافتةً إلى أنّ “هجرة” الآلاف أوْ أكثر سيزيد من الضغط على حزب الله، وعلى نحوٍ خاصٍّ أنّ انفجار مرفأ بيروت، أدّى لنزوح عشرات آلاف اللبنانيين من عاصمة بلاد الأرز إلى الشمال أيضًا بسبب الدمار الذي حلّ عقب الانفجار في آب (أغسطس) الجاري، والذي كان بمثابة هزّةٍ أرضيّةٍ بنسبة 4.5 وفق سُلّم ريختر.
رأي اليوم