موقع قناة DW
فاضت الكأس بالنسبة إلى جو بايدن، مرشح الرئاسة الديمقرلطي الذي كتب على تويتر في الجمعة الماضية: “كفاية”. كلمة نزلت مثل المطرقة. وقبيل ساعات فقط تم توقيف أمريكي أسود على ذمة تحقيق الشرطة. لقد كان مراسلا لقناة سي إن إن أطلقت سراحه لاحقا الشرطة. وعلى الرغم من ذلك كتب بايدن في هذا الصباح: “أنا غاضب ويجب عليكم معرفة ذلك”.
الولايات المتحدة الأمريكية تنغمس في موجة عنف من كاليفورنيا إلى نيويورك ومن مينيابوليس إلى الساحل في تكساس: في أكثر من 75 مدينة وقعت في الأيام الماضية صدامات قوية. وفي مدينة نيويورك احترقت سيارات شرطة وفي لوس أنجليس حصلت أعمال نهب. “إنها لم تعد احتجاجات”، قال اريك غارسيتي، عمدة بلدية لوس انجليس. “إنه تدمير”.
والشرارة التي أثارت هذه الاضطرابات هي الموت العنيف لجورج فلويد الذي قُتل الاثنين الماضي على إثر تدخل الشرطة من مينابوليس. حالة مأساوية لكن ليست حالة استثنائية في علاقة مع عنف الشرطة العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية. وكلمات فلويد الأخيرة “لا أستطيع التنفس” باتت شعار حركة احتجاج على مستوى البلاد لم تشهدها أمريكا منذ عقود من الزمن. والغضب والعنف عوضا الحزن والسخط.
مصرع فلويد يغذي الجدل حول الانقسام الاجتماعي
والوفاة المأساوية لفلويد تغذي جدلا مبدئيا حول الانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية. وأزمة كورونا تبدو في هذا الإطار مثل مادة مشتعلة تكشف عدم المساواة في المجتمع بشكل أكبر من ذي قبل. ومن لم تكن له وظيفة محترمة قبل تفجر الوباء وتأمين صحي معقول ودعامة مادية فقد كان معرضا بلا حماية لفتك الفيروس. وبنسبة أعلى يطال هذا في الغالب السود والأمريكيين من أصول لاتينية. وليست فقط نسبة العدوى والوفاة عالية بينهم، فهم العمال البسطاء الذين فقدوا وظائفهم. وغالبية الطبقة الوسطى من البيض انتقلت في غالبية الحالات إلى العمل من المنزل وفي الغالب براتب كامل. وبدون هوادة يكشف الوباء عن التفاوت الاجتماعي في أمريكا.
وتكشف الاحتجاجات أيضا أنه ليس فقط السود من يصرخون من اليأس، فمن بين غالبية المتظاهرين الشباب يوجد أيضا أمريكيون بيض لهم مواقع مرموقة يشعرون على الأقل بنفس اليأس. إنهم يائسون من بلد لا يمنع عنف الشرطة والعنصرية، بل يترك لها المجال. هم يائسون من بلد برئيس مستفز وبدون بدائل سياسية.
“عندما تشاهدون جو بايدن (المرشح الديمقراطي) في التلفزة، فإنه يبدو عجوزا ومكبلا في قبوه. ويشعر المرء تقريبا بأنه لا يقدر على شيء فكريا”، يقول هاكه. وفي النقيض يوجد الرئيس ترامب الذي يصعد الأزمة بتعصبه الأعمى. رئيس أمريكي لا يوحد، بل يقسم البلاد منذ توليه السلطة ويكذب ويناشد الغرائز. والاغتيال والاضطرابات تسرع تحول الحلم الأمريكي إلى كابوس أمريكي، ما يدفع هاكه للقول: “أمريكا تتفكك”.