المصدر : الخليج اونلاين
خمس سنوات مرت على انطلاق ما سميت بـ”عاصفة الحزم” باليمن، ولم يتغير ميزان المعركة ولم يتحقق الهدف المعلن من العملية التي أطلقتها السعودية والإمارات، المتمثل في إنهاء انقلاب جماعة الحوثي وإعادة الشرعية إلى السلطة في البلاد.
لم يتوقع أكثر المتشائمين أن تتعثر طوال هذه السنوات تلك المهمة التي كان يُفترض أنها ميسورة، حتى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي دعا حلفائه حينها للتدخل قال في خطابات عديدة إنه لم يكن يتوقع أن يطول الأمر إلى هذا الحد.
ولعل ما كان بارزاً خلال السنوات الخمس أن البلد الذي كان يواجه انقلاباً واحداً في عام 2015 صار اليوم أمام انقلابين، خاصة مع تناسل الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الشرعية.
حروب بالوكالة.. وفشل مستمر
خمس سنوات مرت على بداية الحرب في اليمن لا تظهر نهاية للكارثة في الأفق، رغم أن أطرافها الخارجية ذاقت وبال الحرب بعد أن تسببت لها بأزمات داخلية، فالسعودية التي تدخلت لأول مرة في 26 مارس 2015، بضربات جوية، باتت تسعى للتراجع، إلا أنها لا تجد استراتيجية للخروج، وفق ما يراه مراقبون.
أما الإمارات التي كانت جزءاً رئيسياً في التحالف، فأعلنت سحب وحداتها من اليمن، لكنها تواصل شراء خدمات القبائل والمليشيات التي تقاتل من أجل مصالح أبوظبي.
وبالنسبة إلى إيران فإن الحرب في اليمن تفقد أهميتها، فقد أثر موت الجنرال قاسم سليماني بقوة على سياستها الخارجية، كما أنها اليوم مجبرة الآن على تكثيف مواردها للحرب ضد فيروس “كورونا”.
وبالرغم من ذلك لم تنتهِ الحرب التي تقول الأمم المتحدة إنها تسببت في أكبر مجاعة على الصعيد العالمي خلال السنوات الـ100 الماضية، إضافة لتسببها في تفشي الكوليرا، وخشية محلية من وصول مرض كورونا إليها بعد انتشاره بمعظم دول العالم.
وفي الوقت الذي تقبع الحكومة اليمنية في الرياض تحت الإقامة الجبرية، وسط انكماش الأراضي التي تسيطر عليها، تدفع الإمارات لتحويل جنوب اليمن إلى دولة مستقلة عن الشمال، في وقتٍ لا تزال مليشيا الحوثي تسيطر على الشمال وسط توسع لها، في مقابل فشل أممي لإنهاء هذه الحرب على الرغم من كل الاتفاقات والمفاوضات التي عقدت سابقاً.
إعلان الفشل
يقول الناشط السياسي محمد السماوي إن ما أطلق عليها “عاصفة الحزم” عند بداية الحرب “لم تحدث أي حزم، بل وجد اليمنيون سنوات من الدمار والحرب، ولم ينجز التحالف أي تقدم ولم يتحقق نجاحاً جيداً، بل رأينا صمود جماعة أمام دول تعد نفسها أنها من الطراز الأول في الهيمنة والريادة”.
وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين” يرى السماوي أن “السعودية ستخرج خاسرة من حربها التي قادتها بفشل ذريع، وسيتحول من تحالف إلى عدوان دمر البنية التحتية وتسبب في قتل أناس أبرياء (وفق تقارير أممية)، وستكون النهاية تفاوضاً حوثياً سعودياً خارجاً عن إطار الشرعية، وستنتهي الشرعية بشكل ما، بل ستظل الشرعية معدومة”.
وأضاف: “كما قامت السعودية سابقاً بدعم الحكم الإمامي ستعود لتشكيل حكم إمامي جديد، وعلى كل حال لم نجد من ذي قبل أي شيء جيد قامته به السعودية في خدمة الشعب اليمني كجار وشقيق، بل إنها تريد إضعاف اليمن وتشتيته وهوانه، وما كانت لتقوم بشن حرب على الحوثي لو لم يكن المتبني لتك الجماعة عدواً لدوداً للسعودية وهي إيران”.
وتابع: “نحن الآن نرى مثلاً على صعيد جبهات القتال؛ فبعد خمس سنوات على تدخل التحالف، ما زالت المناطق تسقط بيد الحوثيين واحدة بعد الأخرى، وما زالت مناطق أخرى مرشحة للسقوط خلال الأسابيع القادمة مثل مأرب، وسط لامبالاة من السعودية، بل إنها تعمل على إضعاف الحكومة مقابل بروز الجماعات المسلحة واستمرارها كجماعة الحوثي والانتقالي المدعوم من الإمارات”.
ويرى أيضاً أن التحالف “أصبح عذراً قوياً يستخدم من قبل جماعة الحوثي في إقناع الضعفاء أنه عدوان سافر ضد اليمن. لم يكن الضعفاء فقط قد اقتنعوا بذلك، بل إن الجميع باتوا يوقنون أن التحالف في حقيقة الأمر لا يعمل لمصلحة اليمن ويجب إعلان فشله”.
انقلاب جديد صنعه التحالف
مطلع 2015، عندما أحكم الحوثيون قبضتهم على صنعاء واقتربوا من السيطرة على عدن، سارعت السعودية بتحالفها إلى وقف تقدمهم تحت ذريعة حماية شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وفي أغسطس 2018، وقفت السعودية صامتة وهي ترى الشرعية تتلاشى أمام عينيها بعد انقلاب جديد قادته حليفتها الإمارات عبر مليشيات المجلس الانتقالي بعدن والسيطرة على العاصمة المؤقتة.
وكانت الإمارات وحدها لها اليد العليا في السر والعلن على عدن حتى استعصى على الرئيس هادي أن يمكث فيها بشكل دائم، كما جعل من وجود الحكومة في المدينة لا أهمية له، بل تعرضت لحصار لأكثر من مرة في قصر المعاشيق بالمدينة.
وكان لافتاً أن انقلاب عدن لم يحظَ بنفس التهديدات والتحركات العسكرية لإيقافه كما حدث مع الحوثيين، بل لجأت السعودية إلى صنع اتفاق سمي بـ”اتفاق الرياض” بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، في نوفمبر 2019، وهو ما اعتبره كثيرون شرعنة للمجلس الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن الشمال.
وعملت السعودية والإمارات على تقسيم البلاد، حيث لجأت أبوظبي إلى الاستيلاء على الجزر والموانئ في الجنوب وسقطرى، فيما تسيطر السعودية على مناطق في الشمال والشرق”، قبل أن تبدأ الرياض بالتحرك جزئياً في جنوب البلاد.
أهداف غير معلنة
يرى الصحفي اليمني فهد سلطان، أن هناك أهدافاً معلنة وأهدافاً غير معلنة للتحالف الذي تقوده السعودية منذ دخولها في اليمن في مارس 2015.
ويقول لـ”الخليج أونلاين”: “بالنسبة للأهداف المعلنة لم يتحقق منها سوى جزء بسيط فقط؛ متعلق باستعادة أجزاء من المحافظات الجنوبية وجزء من مدينة تعز ومأرب”.
أما الأهداف غير المعلنة، بحسب سلطان، فتتمثل في سعي الرياض لـ”تدمير الترسانة العسكرية للجيش اليمني السابق، وسحق الربيع اليمني وتدميره بالكامل، وضرب أماكن التأثير والنفوذ داخل الجمهورية اليمنية التي كانت السعودية تعده خطراً عليها طيلة أربعة عقود”.
ويؤكد أن المتضرر والخاسر من هذه الحرب هي الشرعية اليمنية واليمنيون المناصرون لها، في حين يرى أن “التحالف لم يخسر كثيراً بالنظر إلى ما شكله على اليمن من سيطرة كاملة، وهو يعيد رسم خارطة المشهد بما يحقق له نفوذ قادم لفترة طويلة”.
أما في جانب السعودية فيقول إنها خسرت أيضاً في اليمن من خلال “سمعتها دولياً بسبب الأزمة الإنسانية التي يتحدث عنها العالم”، إلا أنه يرى أن خسارة “الرياض قادرة على تعويضها بما تملك من مال ونفوذ”.
أسوأ أزمة إنسانية
أسقطت الحرب أكثر من 10 آلاف قتيل وأكثر من 60 ألف جريح منذ 2015 بحسب منظمة الصحة العالمية، بل ويعتبر مسؤولون في المجال الإنساني أن الحصيلة أعلى بكثير.
ولا يزال هناك 3.3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24.1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.
ودُمِّر عدد من المستشفيات أو أصيبت بأضرار، وواجهت البلاد وباء الكوليرا مع أكثر من 2500 وفاة بين أبريل وديسمبر 2017.
وتقول منظمة “سيف ذي تشيلدرن” الإنسانية البريطانية، إن قرابة 85 ألف طفل ماتوا من الجوع أو المرض بين أبريل 2015 وأكتوبر 2018، وقتل آخرون خلال المعارك.