قراءة في الحرب التجارية الامريكية الصينية ومدياتها .

1842

الاستاذ مؤيد العلي

تعرف الحرب التجارية بأنها قيام الدول برفع او أنشاء تعريفات وحواجز تجارية ضد بعضها البعض استجابة للحواجز التجارية التي أنشأها الطرف الاخر ، طالما نظرت أدارات الولايات المتحدة المتعاقبة الى الاقتصاد الصيني بأنه خطر يهدد مصالحها لكن مع ذلك لم يكن من المتوقع دخول الولايات المتحدة بحرب تجارية كما هو الحال حالياً مع الصين نظراً لتبعات هذه الحرب الخطيرة .
ومن اجل الخوض في تفاصيل اكثر حول الحرب التجارية الامريكية يمكن تحديد عدة نقاط اساسية لتوضيح ذلك:
1- بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية في 22/مارس/ 2018 عندما اعلن ترامب نيته بفرض رسوم جمركية تبلغ 50 مليار دولار أمريكي على السلع الصينية وبالمقابل ردت الصين كأنتقام على ذلك بفرض رسوم جمركية على اكثر من 128 منتج امريكي ، وعلى الرغم من نفي ترامب ان يكون الخلاف مع الصين عبارة عن حرب تجارية الا أنه اعلن في 15 / حزيران / 2018 في بيان له ان الولايات المتحدة ستفرض 25% من التعريفات الجمركية على الصادرات الصينية ، مما جعل وزارة التجارة الصينية تتهم الولايات المتحدة الامريكية بمحاولة شن حرب تجارية بين البلدين وتوعدت الرد بالمثل وذلك أعتباراً من 6 تموز .
2- الاسباب الدافعة للولايات المتحدة الامريكية للتصعيد بدل التهدئة مع الصين هي اعتبارها المنافس الاقتصادي الرئيسي لها ، وبالتالي فهي تشكل خطراً على أقتصادها للمدى المتوسط والبعيد ايضاً ، لذا عمل ترامب من اجل التخلي عن النهج الذي اتبعه سلفه اوباما القائم على التعددية التجارية وتحرير التجارة العالمية .
3- تعد الحرب القائمة حالياً بين الصين والولايات المتحدة هي الاقوى من نوعها فهي تعتبر من قبل البعض حرباً للقيادة العالمية بين اكبر دولتين اقتصاديتين وبالتالي الغاية منها الوصول للنفوذ العالمي ، كما تعد أثارها على الطرفين اذ من الممكن ان لايكون هناك منتصر فيها يمكنه تحقيق اهدافه ، فالخسائر ستكون على الطرفين والرابح هو من يصمد لمدة طويلة جداً .
4- تهدف الولايات المتحدة للوصول الى اتفاق تجاري مع الصين من اجل تقليص العجز التجاري بين الدولتين بمقدار 200 مليار دولار امريكي لصالح امريكا في عامين ، وكذلك زيادة نفوذ الشركات الامريكية في اسواق الزراعة والطاقة والاسواق المالية الصينية ، وأعادة الشركات الامريكية للانتاج وتوفير وظائف للامريكيين داخل الولايات المتحدة .
5- اتفق الطرفين في ديسمبر 2018 على وقف التعريفات التجارية لمدة 90 يوماً من اجل اجراء المفاوضات والمحادثات للوصول الى صفقة تجارية مناسبة للطرفين ، وتتمثل بالسماح لبكين بالوفاء بالتزاماتها بشأن مشتريات السلع حتى عام 2025 ، والسماح للشركات الامريكية بتملك شركات تجارية كاملة في الصين .
6- تعثر الوصول الى اتفاق تجاري بين الطرفين الامريكي والصيني ، سيما بعد فرض تعريفات جمركية جديدة وتصاعد ازمة شركة هواوي التي تعد من اكبر مصنعي وسائل الاتصالات والهواتف الذكية والشبكات على مستوى العالم ، ويقع مقرها في الصين ، حيث منعت الادارة الامريكية الشركة من تطوير شبكة الجيل الخامس داخل حدودها .
7- فيما يخص المواجهة العسكرية بين البلدين ، فمن المستبعد حدوثها ذلك لاسباب داخلية لدى الطرفين ، فبالنسبة الى الصين تتجنب الدخول في حرب مع الولايات المتحدة وتسعى للحفاظ على أستقرارها الداخلي وهو ما تقوم عليه سياستها الداخلية، اما الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على اقتصادها ودخولها في حرب مع الصين سوف يهدد هذا الاقتصاد الذي يعد الهدف الذي يسعى له ترامب منذ وصوله لرئاسة الولايات المتحدة .
8- تعد الحرب التجارية الناشئة بين الدولتين الصينية والامريكية فرصة لروسيا لتصبح شريكاً اقتصادياً للصين ، سيما ان قرارات ترامب وتحركاته بشأن التجارة ستجعل الصين ربما تتجه وتتقرب من روسيا.
9- اما مايخص المستثمرين والشركاء التجاريين الرئيسيين خاصة في اسيا واوربا فتعد هذه الحرب بمثابة مخاطرة بالنسبة لهم، فلو نظرنا من ناحية اوربا مثلاً نجد ان صادرات السيارات بها تمثل نحو عشر اجمالي صادرات البضائع من الاتحاد الاوربي الى الولايات المتحدة ، وبالتالي فأن زيادة التعريفة الجمركية ستضيف الى التكاليف ومن ثم سيؤثر ذلك سلباً على خطط الاستثمار التجاري في جميع انحاء العالم .
10- خلاصة ذلك هو قيام البلدين بأجراء العديد من المفاوضات بينهما لاجل انهاء الحرب التجارية لكن تلك المفاوضات لم تصل الى اتفاق معين ، مع ذلك أشارت الصين الى انها ماتزال مستعدة للعمل مع واشنطن واجراء المحادثات للوصول الى حل ينهي الازمة بينهما .

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا