قراءة في زيارة الرئيس الايراني للعراق من الناحية السياسية والاقتصادية والامنية .

1005

الاستاذ صالح الطائي

– عدم دخول العراق ضمن المحور الامريكي في فرض العقوبات على الجمهورية الاسلامية اثبت انهُ لديه قرار سياسي مستقل وانهُ يقف في منطقة تخدم المصلحة الوطنية والمصلحة الاقليمية .
بعد فشل الحصار الاقتصادي الذي فرضة امريكا على الجمهورية الاسلامية بمرحلتين وكذلك فشل مؤتمر وارسو الذي حاولت به ان تعزل طهران عن العالم اقتصاديا وخروجها منهزمتاً من سورية امام محور المقاومة, هي اليوم تتلقى صفعة جديده من الجمهورية الاسلامية بعد الاتفاقيات التي وقعَت بين البلدين خلال زيارة الرئيس روحاني الى العراق بأفشالها المخطط الجديد التي حاولت به ان تغلق التجارة بين بغداد وطهران وفتح منافذ للتجارة عبر الاردن ودول الخليج .
كتسبت الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني حسن روحاني الى العراق صفة التاريخية بوضوح كبير اذا ما تم مقارنتها باية زيارة لزعيم او مسؤول من دولة أخرى الى العراق الذي يكتسب يوما بعد آخر اهمية سياسية واستراتيجية بعد استرجاع عافيته ونجاحه في ان يكون محطة تلاق في منطقة تشهد تدافعا وتصارعا بين محاور وقوى اقليمية ومن ورائها دول عظمى.
الرئيس روحاني بدأ زيارته الرسمية والمعلن عنها مسبقا من محطته الاولى وهي العاصمة بغداد حيث التقى الرئاسات الثلاث اضافة الى زعماء سياسيين وفعاليات جماهيرية ومن ثم زار المراقد الدينية المقدسة في اربع مدن عراقية وتوج زيارته بزيارة المرجع الديني الاعلى في النجف الاشرف السيد علي السيستاني اضافة الى مراجع دين آخرين في اجواء ودية واستقبالات شعبية.
زيارة لثلاث ايام ولقاءات مع مختلف الزعماء العراقيين والاطياف السياسية والاجتماعية وتوقيع 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والبيئية ومن اهمها مد سكة الحديد وبناء مناطق صناعية مشتركية وعمليات كري لنهر اروند رود من الجانب الايراني وشط العرب من الجانب العراقي وزيادة ميزان التبادل التجاري الى اكثر من 20 مليار دولار، كل هذا يؤشر الى نجاح الزيارة ومنحها صفة التاريخية وهذا يعني ان الامن المشترك اصبح مسؤولية البلدين الشقيقين .
ورغم كل التدافع الاقليمي والدولي حول العراق لكسبه او على الاقل تحييده في معارك نفوذ او واجهات، لم يستطع اعداء او منافسو الجمهورية الاسلامية ان يقوموا بمثل هذه الزيارة وبهذه العلنية وبهذا المستوى من اللقاءات الرسمية والشعبية وان يحظوا بهذا الاستقبال، وهو ما يسجل تفوق ايرانيا جديدا في تعزيز الآواصر مع العراق وتراجعا واضحا للاميركي الذي يخطط بطرا لمحاصرة ايران من خلال العراق.
كذلك لم يجرأ اي زعيم اقليمي لحد الان ان يقوم بما قام الرئيس روحاني خلال زيارته للعراق من ان يكون ضيفا على السياسيين وعلى الشعب وعلى المرجعية وان يزور اربع مدن عراقية وسط استقبال حار من قبل اهالي هذه المدن رغما عن صراخ الجيوش الالكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تمثل امتدادات لارادات فشلت في المبادرة والنجاح ولم تستطع الا التشويش والصراخ.
وهكذا كانت زيارة الرئيس روحاني في بعث اكثر من رسالة ولاكثر من جهة، فهي منفتحة على جيرانها رغم كل ما تحاوله ادارة ترامب من تعكير الاجواء في بلدان الجوار مع ايران وان اهم جار لها وهو العراق بات في تكامل اقتصادي معها لم ولن يقوى ترامب على هزه او اضعافه، وهي رسالة الى محاور تحاول اللعب مع الكبار، فتدور حول نفسها فتعتقد انها تحقق تقدما وهي يوما بعد يوما تدفع نفسها الى مستنقعات تخسر فيها جيرانها واصدقائها وتصنع عداوات وتحاصر نفسها في منطقتها رغم كل الدعم الغربي سياسيا وعسكريا واعلاميا …
انها فنون السياسة وادارة الدول عندما يكون الاستقلال شعارا ومصالح الشعب هدفا، لا تصورات مغرروة في رؤوس امراء حالمين او تجار اشتروا السياسة.
الخلاصة :-
لقاء الرئيس الايراني بجميع الاطياف العراقية من ساسة وعلماء دين وشيوخ عشائر اعتبره البعض مبادرة بل وربما هي ابرز انجازات هذه الزيارة التأريخية التي ترجمت عمق العلاقة بين البلدين اجتماعيا وثقافيا وفكريا وجغرافيا وعقائديا .

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا