الأستاذ كاظم الحاج
في 10-12-2018 طرحت تركيا من خلال لقاء وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو مع الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ان يكون هناك تحقق دولي في جريمة قتل خاشقجي؛ في 22 – 1 – 2018 كلف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فريقا من الخبراء الدوليين برئاسة أغنيس كالامارد للتحقيق في قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2-10-2018.
و بحسب بيان للأمم المتحدة، «ستتوجه أغنيس كالامارد المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالاغتيالات العشوائية والقتل خارج نطاق القانون إلى تركيا خلال الفترة 28-1- إلى 3-2 المقبل للبدء في عملها ضمن لجنة التحقيق»، حيث سيتم تقييم الاحداث وتحديد طبيعة ومدى امكانية ان تكون دول او افراد مسؤولين عن جريمة قتل خاشقجي ، بعد ذلك سيتم «تقديم نتائج التحقيق والتوصيات التي ستخلص اللجنة إليها في تقرير لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة خلال جلسته المنعقدة في الشهر الـــ 6 – 2019».
اسباب لجوء تركيا الى الامم المتحدة :-
هناك عدة اسباب تدفع تركيا الى اخراج جريمة قتل خاشقجي من اطار العلاقات الثنائية بينها وبين السعودية الى التدويل، اهم هذه الاسباب هي عدم تعاون السعودية معها في كشف ملابسات القضية خصوصا، من امر بالقتل وعدم كشف مكان الجثة ومن هو المتعاون المحلي وكذلك عدم اجابتها على كثير من الاسئلة الاخرى التي تخص القضية مثل من هو الشخص الذي خرج من القنصلية مرتديا ملابس خاشقجي، وعدم حيادية وشفافية التحقيق الذي تقوم به السعودية داخل اراضيها، او انها قضية سعودية داخلية، وكذلك ردا على توجه السعودية وبدعم بعض الدول لان تطوى جريمة قتل خاشقجي، وتصبح من الماضي بصورة تدريجية.
الاهداف التي تسعى تركيا لتحقيها من خلال التدويل:-
1- استغلال التيار المناهض لابن سلمان داخل مجلس الشيوخ الامريكي من جهة، واثارة الرأي العام الامريكي باستمرار التسريبات التي تقوم بها بخصوص مقتل خاشقجي، ومن ثم الضغط على ترامب لدعم تركيا لاقامة منطقة عازلة في المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية “قسد» شمال وشمال شرق سورية، وكذلك التقليل من دعمة لأكراد سورية.
2- قطع الطريق على حلفاء بن سلمان في امريكا لتحريك القضية في القضاء الامريكي باعتبار ان ابناء خاشقجي امريكيين، وبالتالي ممكن انهاء هذا الملف من خلال عقد صفقات خاصة تصب في مصلحة بن سلمان من خلال تصفية وانهاء القضية.
3- استمرار بقاء جريمة قتل خاشقجي بل جعلها دولية، وهنا هي تحاول ان تضغط على بعض الدول الاوربية والتي ممكن ان تعقد صفقات مع السعودية مقابل التستر على محمد بن سلمان، وتوفير الغطاء له ضد تركيا.
4- الضغط على الدول والحكومات التي تعادي الاخوان المسلمين وخصوصا مصر والامارات من خلال اتهامهما بالاشتراك في جريمة مقتل خاشقجي، وبالتالي تحقق عدة اهداف فرعية منها زيادة الضغط على امريكا من خلال الضغط على عملائها في مصر والامارات والدفع بان يكون لتركيا دور في اليمن وليبيا من خلال دعمها للإخوان فيهما.
5- الضغط على الاتحاد الأوربي من خلال أمريكا وخصوصا على قبرص واليونان وعدم اعتراضها على التنقيب التركي القادم على الموارد الطبيعية حول قبرص.
6- استمرار تحجيم السعودية وتأثيرها في المنطقة والعالم الاسلامي _السني_ من خلال استمرار اثارة جريمة قتل خاشقجي، والتصدي للعب دور الزعامة للعالم الاسلامي من قبلها.
7- عقد صفقة مع امريكا والسعودية تحقق من خلالها اكبر قدر من المكاسب، خصوصا في القطاع الاقتصادي ورفع الحصار عن قطر.
8- انهاء مسألة العقوبات التي تم فرضها على مسؤولين اكراد بموجب قانون «ماجنيتسكي» لعام 2016، بشكل نهائي.
9- دفع القضية للمحكمة الجنائية الدولية، من اجل ان تحقق جميع الاهداف المعلنة وغير المعلنة لها في المنطقة والاقليم.
إمكانية تحقيق هذه الاهداف من خلال التدويل :-
اولا / الفرنسية أغنيس كالامارد ، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالاغتيالات العشوائية والقتل خارج نطاق القانون، لم تدرس الحقوق وليس لديها خبرة كافية في التحقيقات الجنائية بشكل يؤهلها ان تترأس لجنة للتحقيق في جريمة مثل قضية قتل خاشقجي فهي حصلت على درجة الماجستير من جامعة Howard في الدراسات الدولية الأفريقية، وبعدها حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، في 1-8-2016 وبدفع امريكي تم تعينها في منصبها الحالي لذلك لا يستبعد ان يكون هناك تدخل امريكي في اختيارها لرئاسة لجنة الخبراء التي ستتولى التحقيق في قضية مقتل خاشقجي.
ثانيا / الهدف الرئيسي لتركيا ان تحال جريمة مقتل خاشقجي الى المحكمة الجنائية الدولية وهذا يحتاج الى ان يتوصل مجلس الامن الدولي الى قناعة بالنتائج والتوصيات التي سترفعها اليه لجنة الخبراء، ومن ثم التصويت عليها بالإجماع أي بدون استخدام حق النقض “الفيتو»، وهذا الامر صعب في ضل وجود ترامب، فضلا عن علاقات السعودية بالدول الخمسة دائمة العضوية.
الخلاصة :-
لكي تكون تركيا في موقف يمكنها من تحقيق اهدافها المعلنة وغيرها، يجب ان تحال القضية الى المحكمة الجنائية الدولية، وهذا الامر مستبعد بشكل كبير جدا، لذلك ستعمل على ان تكون هناك صفقة كبرى، تحقق لها الاهداف ذات الاولية القصوى بالنسبة لها، كدعم الاقتصاد التركي، ورفع العقوبات عن بعض المسؤولين الاتراك وإقامة منطقة عازلة في شمال سورية، وعدم الضغط عليها بالتخلي عن الغاز الروسي المار بأراضيها عبر السيل والجنوبي، وحتما ستعمل بكل قوة من اجل ان يكون تسليم فتح الله كولن لها في أي صفقة يتم عقدها بينها وبين امريكا، لذلك فان تركيا ستحقق اهداف ومكاسب اكثر من خلال التوجه نحو تدويل جريمة قتل خاشقجي، لكنها بالمقابل لن تحقق كل ما تريده من خلال استغلال هذه الجريمة.