الأستاذ كاظم الحاج
المنطقة العازلة (الامنة)…
في 29-11-2011 طرحت تركيا اقامة منطقة عازلة على طول الحدود التركية السورية او في مناطق محددة بصورة اولية، لكن الادارة الامريكية برئاسة باراك اوباما رفضت هذا الامر، باعتبار انه سيكون له تبعات لوجستية واقتصادية وقانونية، حاولت تركيا منذ ذلك التاريخ اكثر من مرة لكن الرفض الامريكي وكذلك الرفض الروسي الايراني حال دون الطموح التركي بايجاد تلك المنطقة، واستمر الرفض الامريكي تحديدا حتى في عهد ترامب.
لماذا الان:-
اقامة منطقة عازلة لم يكن على أجندة مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي زار تركيا، الأيام الماضية، وخلال لقائه مع متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن ، قدّم ورقة بعنوان «لا ورقة» مكونة من 5 بنود يبيّن فيها الانسحاب الامريكي من سورية، واستمرار مكافحة تنظيم «داعش» مع حماية «الحلفاء» في هذه الحرب، من دون ذكر اسم الوحدات الكردية.
في المقابل، ردّ الجانب التركي بورقة من 5 بنود أيضاً باسم «لا ورقة»، تضمنت تسمية تنظيمات بعينها من «داعش» و»وحدات حماية الشعب» الكردية و»حزب العمال الكردستاني»، على أنّها «تنظيمات إرهابية».
بعد زيارة بولتون ورد التركي على اجندة الزيارة هدد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي، ردت تركيا بالرافض لمثل هكذا تصريحات من الرئيس الامريكي‘ بعدها وحسب صحيفة «حرييت» كان هناك اتصال بين الرئيسين الامريكي والتركي، طرح من خلالها ترامب موضوع المنطقة الامنة، التي وافق عليها اوردكان والذي قال ان الفكرة له بالأساس وطرحت مع بداية الازمة السورية، واتفق ترامب وأردوغان، وفق الصحيفة، على أن يتحدث في تفاصيل المنطقة الآمنة، رئيسا هيئة أركان البلدين اللذين سيجتمعان لاحقاً في بروكسل، نظراً لتواجد رئيس هيئة الأركان التركية ياشار غولر، ونظيره الأميركي جيمس دانفورد، في العاصمة البلجيكية ، على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي «الناتو..
موافقة ترامب على وجود منطقة عازلة في هذا التوقيت هي مناورة يحاول من خلالها امتصاص الغضب التركي من جانب وتطمين الاكراد بانهم في حالة اقامة هذه المنطقة سيكونون بمأمن من أي تحرك تركي، خصوصا ان بعض الاكراد طالبوا بوجود خط عازل بينهم وبين تركيا بوجود قوات اممية.
تفاصيل المنطقة العازلة (الامنة):-
يبلغ طول الحدود المشتركة بين سوريا وتركيا 822 كم، طول الحدود التي تخضع الان لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» 460 كم. وهي طول المنطقة العازلة (الامنة) التي تريد تركيا انشائها وبعمق 32كم، وهي ستضم مدن وبلدات من ثلاث محافظات سورية وهي حلب والرقة والحسكة.
وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة ، هي المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة)،كما تضم المنطقة العازلة (الامنة).. مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم المنطقة كلاً من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).
الاهداف التركية من المنطقة العازلة (الامنة):-
1- منع ظهور حكم ذاتي للأكراد السوريين على حدودها، من خلال نقل اللاجئين السوريين المتواجدين داخل اراضيها الى هذه المنطقة، وبالتالي التأسيس لديموغرافية جديدة على الحدود السورية التركية.
2- مغازلة اوربا وخصوصا المانيا وفرنسا للموافقة على اقامة هذه المنطقة من خلال اعادة اللاجئين السوريين في اوربا الى هذه المنطقة.
3- احتلال اراضي سورية بموافقة امريكية وربما بقرار اممي بمساحة 14720 كم مربع وبالتالي تحقيق الهدف الرئيسي لتركيا بالتوسع على حساب دول الجوار.
تداعيات اقامة منطقة العازلة (امنة):-
1- انشاء منطقة امنة للمجاميع الارهابية وخصوصا ما يسمى بالجيش الحر، وكل مطلوب للدولة السورية، بل لكل الارهابيين الذين رفضت دولهم استقبالهم على اراضيها.
2- جعل هذه المنطقة منطقة عدم استقرار واستخدامها كورقة ضغط عسكري واقتصادي وسياسي على الحكومة السورية.
3- تركيا وقوات ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش هي التي ستشرف على تأمين الحماية (ارضا- جوا) لهذه المنطقة، وبالتالي ستكون مبرر لبقاء هذا التحالف في سورية واستمرار احتلال اراضي اخرى من قبل الجيش التركي بل اعطاء الشرعية له وخصوصا في ادلب التي هي خارج المنطقة العازلة.
4- تحويل الصراع من امريكي تركي على المنطقة العازلة والاكراد الى روسي تركي، باعتبار ان روسيا مع وحدة الاراضي السورية وسيادة الدولة عليها وفعلا رفضت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف هذا الامر قائلا «نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية».
5- خرق اتفاقات سوتشي وخصوصا الاتفاق الثلاثي الاخير بين روسيا وايران وتركيا على احترام وحدة الاراضي السورية وضمان سيادة الدولة عليها.
6- في حال تم انشاء مثل هذه المنطقة سواء باتفاق ثنائي امريكي تركي او باصدار قرار من مجلس الامن،او بموافقة اوربية فان تركيا ستسعى لتطبيقه على الحدود العراقية التركية وبالتالي ستعطي شرعية لتواجد واحتلال قواتها لإراضي عراقية.