العدوان الاسرائيلي على جنوب سوريا والعمليات الجارية قرب الحدود اللبنانية .. هل هي مقدمات لعدوان واسع قادم؟

915

الأستاذ كاظم الحاج

العدوان الاسرائيلي بطائرات مسيرة على الجنوب السوري والقيام بعملية عسكرية سميت «بدرع الشمال» بالقرب من الحدود اللبنانية، اتت بعد الهزيمة النكراء التي مني بها الكيان الصهيوني الغاصب على يد فصائل المقاومة الفلسطينية التي حققت انتصارا كبيرا واثبتت فشل القبة الحديدية او الصاروخية بالتصدي لصواريخها.
شهدت اسرائيل خلال الاسابيع الماضية تعقيدا سياسيا نتيجة الهزيمة العسكرية فبالإضافة الى استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان التي كادت تسقط حكومة نتنياهو واتهامه بالفساد واثارتها في هذا الوقت والانكسار الكبير في صفوف جيش الاحتلال وانهيار الحالة المعنوية للإسرائيليين ،قام نتنياهو بهذه العملية ليعيد لحكومة الاحتلال استقرارها ويخرجها من نفق هزيمة غزة، وكذلك يشغل الجيش الاسرائيل وينسيه ما حدث بل هي محاولة لرفع الحالة المعنوية التي انهارت بشكل كامل.
يدعي الكيان الصهيوني وجيشه ان عملية ما يعرف بـ «درع الشمال» ناتجة عن اكتشاف مهم وحيوي واستراتيجي باكتشاف انفاق حفرها حزب الله ، احداها بطول 200م ، 40 م منها فقط داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة ، وهذا الاكتشاف كما يدعون مهم وضروري لأمن اسرائيل وعلى هذا الاساس تم التضخيم الاعلامي للعملية وانها ستمنع حزب الله من تحرير بلدات في الشمال الفلسطيني المحتل.
عملية ما يسمى بـ «درع الشمال» هي بامتياز عملية استعراضية ليس اكثر من ذلك ، لكن السؤال الاهم هنا هو ماذا بعد هذه العملية الاستعراضية، ماذا تريد منها اسرائيل وكيف تعامل معها حزب الله؟
ماذا تريد منها اسرائيل:-
– بالإضافة الى ما ذكرنا من رفع الحالة المعنوية لجيش الاحتلال فان اسرائيل تقول وعلى لسان رئيس وزرائها اثناء جولته عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع مجموعة من ضباط الجيش الإسرائيلي « انه يرجح احتمالات تحرك اسرائيلي داخل لبنان، كرد على ماوصفه بانتهاكات حزب الله للسيادة الاسرائيلية».
– وكذلك هي ستحاول استغلال هذا التحرك العسكري في الشمال، للشن اعتداء جديد على قطاع غزة ومحاولة تحقيق أي شيء ممكن ان تضخمه اعلاميا لتصنع منه انتصارا مزيفا يعيد ما فقدته خلال العدوان الاخير عليها، كما صرح بذلك (يؤاف كالانت) وزير الاسكان وعضو مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر» ان حكومته تعطي الاولوية الان لتوجيه ضربة قاسية ومؤلمة لقطاع غزة في الوقت المناسب» .
– الاسرائيليون يعلمون جيدا ان حزب الله في أي حرب قادمة لن يكتفي بالردع الصاروخي، وانما يضعون في حساباتهم ما قاله سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله انه في أي حرب قادمة سيكون هناك تحرير لا راضي فلسطينية محتلة مما يعني ان الحزب في أي حرب قادمة لديه خطط عسكرية لشن حرب برية ايضا لتحقيق هذا الهدف، لذلك هم مرعبون من وجود مثل هذه الانفاق، وربما هذا يفسر ردت فعل اسرائيل بهذا الشكل على نفق طوله 200 متر اربعين منها فقط داخل الشمال الفلسطيني المحتل.

– اسرائيل تحاول استخدام واستغلال الامم المتحدة من اجل الضغط على المجتمع الدولي على ادانت ما اسماه نتنياهو باتصاله الهاتفي مع غوتيريش الامين العام للام المتحدة « بالانتهاك السافر على سيادة اسرائيل» وفرض عقوبات مشددة على حزب الله، والضغط على لبنان ودفع معارضي الحزب في الداخل اللبناني بشن هجمة عليه واتهامه بانه يجلب الحروب والخراب للدولة اللبنانية.
– كيف تعامل حزب الله معها؟
– حزب الله لحد هذه اللحظة لم يصرح بشيء رسمي والتزم الصمت تجاه هذه التحركات الاستعراضية للجيش الاسرائيلي على الحدود اللبنانية، والرد اتى من اكثر من مسؤول حكومي على هذه التحركات ، وربما رد السيد نبيه بري على هذه التحركات والذي قال فيه» اتحدى الاسرائيليين تقديم أي دليل عن وجود هذه الانفاق» يفسر لنا ولو بنسبة معينة صمت الحزب وقياداته.
– الحزب اعلن واكثر من مرة ان قدرته على الردع وتحديدا الردع الصاروخي قوية وتتطور وهي افضل من كل الاوقات السابقة من ناحية العدد والقدرة التدميرية والدقة بإصابة اهداف نوعية داخل العمق الاسرائيلي، خصوصا ان احداث غزة الاخيرة اثبتت ان القبة الحديدية غير قادرة على التصدي لصواريخ بدائية الصنع، لذلك مثل هذه التحركات لن تؤثر عليه ولن تشكل عامل استفزاز له، وانما هو يحاول تحويلها الى فرصة بجعل الدولة اللبنانية وحكومتها هي من ترد عليها وبالفعل رد الجيش اللبناني ببيان في يوم 5 / 11 /2018 جاء فيه «على ضوء إعلان العدو الإسرائيلي فجر اليوم إطلاق عملية (درع الشمال) المتعلقة بأنفاق مزعومة على الحدود الجنوبية، تؤكد قيادة الجيش أن الوضع في الجانب اللبناني هادئ ومستقر، وهو قيد متابعة دقيقة».
– الحزب يراقب وبدقة هذا الاستعراض وهو ينقلها عبر وسائل اعلامه المختلفة، ليُطلع جمهور المقاومة على هذه التحركات، وجعلها مادة للسخرية بينهم ، وبالتالي رفع الحالة المعنوية والتعبوية الان واستثماره مستقبلا في حالة حدوث أي تهور اسرائيلي.
– قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن هذه العملية تهدف إلى إحباط خطر «حزب الله» وضرب التموضع الإيراني في الحدود الشمالية، اذا فهي محاولة لجر ايران او الضغط عليها ، والحزب يعلم ذلك جيدا، ان اسرائيل في هذا التحرك تريد ربط ايران بما يدور من خلال اتهامها بتزويد الحزب بمعدات الحفر فضلا ارتباطه الوثيق كرأس حربة لمحور مقاومة بها، وبالتالي تفويت الفرصة على مثل هذا التحرك وفي ضل الظروف الاقليمية والتحركات الامريكية الضاغطة على الجمهورية الاسلامية خصوصا ومحور المقاومة هو هدف لا يقل اهمية عن الاهداف التي تم تحقيها سابقا.
الخلاصة:-
بعد الانتصارات المتتالية لمحور المقاومة وفصائله الاسلامية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبالخصوص الجنوب السوري( القنيطرة – درعا) وتواجد فصائل المقاومة الاسلامية فيها ، وازدياد قوته من ناحية العدة والعدد، واعلانه ان في حال تعرض أي جزء منه لاعتداء من اسرائيل او غيرها فانه سيرد بشكل موحد، والانتصار الكبير الذي حققته فصائل المقاومة الاسلامية في غزة وانهيار المنظومة الدفاعية للعدو المتمثلة بالقبة الحديدية.
كما ان الحكومة الاسرائيلية الان مهددة بشكل كبير بالانهيار واجراء انتخابات مبكرة، بالإضافة الى ان نتنياهو كرئيس وزراء للاحتلال لا يمتلك أي خيرة وخلفية عسكرية مثل معظم رؤساء حكومات الاحتلال السابقين وانه لم يحقق أي نصر في أي حرب خاضها، مع حالة الانهيار الكبيرة التي يعيشها المجتمع الاسرائيلي وجيشه، ومع توجه بعض قيادات الحكومة الاسرائيلية لرد الاعتبار بشن هجوم على قطاع غزة، وعدم قدرة اسرائيل على فتح جبهتين او محورين في وقت واحد.
لذلك ووفق هذه المعطيات لن يكون هذا التحرك العسكري على الحدود الفلسطينية اللبنانية مقدمة لشن عدوان عسكري واسع على الجنوب اللبناني في المدى المنظور، وانما هي محاولة لتزيف انتصار في الشمال الفلسطيني لشن هجوم على قطاع غزة، يمحي صورة الهزيمة التي رسمتها قذائف وصواريخ فصائل المقامة الفلسطينية.

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا