موازنة 2019 مالها وماعليها .

1006

الاستاذ صالح ساير الطائي

موازنة العراق الاتحادية لعام 2019 هي استنساخ لما درجت عليه الموازنات العامة في العراق منذ عام 2004 التي لا تختلف احداها عن الاخرى سوى في الارقام التقديرية للإيرادات العامة والنفقات العامة . يمكن توصيف الموازنات العراقية بانها موازنات توزيعية مهمتها الرئيسة توزيع ايرادات النفط العراقي على ابواب الصرف التقليدية دون ان تؤدي الى تغيير نوعي او هيكلي في بنية الاقتصاد العراقي ، والمثير للقلق في هذه الموازنة هو العجز الكبير فيها والممول اساسا من الاقتراض وبالذات الخارجي منه والذي ربما سيوقع العراق في فخ المديونية !!

ملاحظات اولية على موازنة العراق لعام ٢٠١٩:-

الايرادات العامة = ١٠٥،٥٦٩ ترليون دينار.
النفقات العامة = ١٢٨،٤٤٣ ترليون دينار.
الايرادات النفطية = 93.741 ترليون دينار.
نسبة الايرادات النفطية الى اجمالي الايرادات العامة = 88.8%
العجز المخطط = ٢٢،٨٧٣ ترليون دينار يمول من الاقتراض والزيادة في اسعار النفط
سعر النفط المخطط = ٥٦ دولارا للبرميل
معدل التصدير = 3.880 مليون برميل يوميا منها :
250 الف برميل يوميا من نفط كردستان
التخصيصات الاستثمارية للزراعة = 100.325 مليار دينار
التخصيصات الاستثمارية للصناعة = 90.574 مليار دينار
اجمالي التخصيصات الاستثمارية للزراعة والصناعة في الموازنة = 190.899 مليار دينار.
الحصة النسبية للزراعة والصناعة معا من الانفاق الاستثماري = ٥،.٪‏

-كيف يمكن ان يتطور البلد وهو يخصص نصف الواحد بالمئة من موازنته الاستثمارية للزراعة والصناعة ؟؟ وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول الكيفية التي ينبغي ان يتم بها تنويع الاقتصاد العراقي في ظل الاهمال المتعمد لهذين القطاعين التي تعبر عنه التخصيصات المتواضعة للصناعة والزراعية اللتان تعدان الاساس والمرتكز لاي سياسة اقتصادية تستهدف التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وبدونهما يغدو الحديث عن التنويع الاقتصادي غير جدي ويفتقد الى المصداقية .

-المصدر الرئيسي للايرادات العامة يتأتى من الايرادات النفطية. وهذا يعني ان تقديرات الايرادات العامة مرتبطة بتقديرات الكميات المتوقع تصديرها من النفط الخام اضافة الى تقديرات اسعار النفط العالمية المتوقعة وهي عوامل تتميز بالتقلبات واحيانا الشديدة ،
-الملاحظ هو التحفظ الشديد في اختيار سعر برميل النفط المخطط وقدره 56 دولارا للبرميل الذي يبدو بعيد جدا عن سعر برميل النفط العراقي المصدر حيث بلغ متوسط بيع النفط العراقي خلال الاشهر الثلاث الماضية نحو 70 دولارا للبرميل .
-وستلجأ الحكومة العراقية كما عودتنا الى الاقتراض الخارجي لسد العجز المخطط في الموازنة العامة او انها ستلجأ الى اعداد موازنة تكميلية لن يكون لها اثر في تنفيذ البرنامج الحكومي بسبب قصر المدة المتاحة لتنفيذ الموازنة التكميلية.
-مازالت الحكومة لا تعرف تقدير الصادرات النفطية من اقليم كردستان , حيث ثبت في الموازنة الصادرات (000و250) برميل يومياً وهذا ثابت منذ عام (2014) وفي حين تصاعدت الصادرات النفطية من الحقول الجنوبية التي بلغت نحو 3.6مليون برميل يوميا.
-اما الايرادات غير النفطية فهي شحيحة اذ لا تزيد عن 11.2% من اجمالي الايرادات العامة.
-بقيت النفقات التشغيلية المسيطرة على حجم الانفاق العام وبنسبة (74.6%) من اجمالي النفقات العامة في موازنة عام 2019 وهي نسبة مرتفعة جدا وهذا ان دل على شي انما يدل على ان ليس للحكومة من برامج انمائية واضحة المعالم من اجل دفع عملية النمو في الاقتصاد العراقي

والحد من احادية الاعتماد على النفط.
-اما النفقات الاستثمارية فكانت بنسبة 25.4% لتغطية نفقات المشاريع الاستثمارية في الوزارات في حين لم يخصص سوى ترليون دينار لاعمار وتنمية مشاريع الاقاليم .في حين يصل الانفاق العسكري في موازنة عام 2019 الى 25 ترليون دينار وهو ما يعادل 19.6% من اجمالي النفقات العامة ،
-العجز المخطط في موازنة 2019
اجمالي العجز المخطط = 22,873 ترليون دينار
تمويل العجز :
4 ترليونات دينار من الرصيد المدور في حساب وزارة المالية
1,820 ترليون دينار من ارصدة الوزارات في المصارف الحكومية
17.053 ترليون دينار من الاقتراض الخارجي والداخلي
الاقتراض يسهم في تمويل 74.5% من عجز الموازنة .
-المثير للقلق في هذه الموازنة هو العجز الكبير فيها والممول اساسا من الاقتراض وبالذات الخارجي منه ، علما ان مديونية العراق تبلغ حاليا 117 مليار دولار منها 70 مليار دولار مديونية خارجية و 47 مليار دولار مديونية داخلية .
التحديات التي تواجه موازنة عام 2019 :-
-اعتراض الكتل والاحزاب على اغلب فقرات الموازنة خلق ازمة سياسية مبكرة منها الاعتراضات الكردية على تخفيض نسبة الاقليم من 17%الى 12.76% كذلك ورود تسمية اسم المحافظات الشمالية بدل الاقليم وعدم وجود مخصصات محافظة حلبجة وتسليح البيشمركة اما محافظات الشمالية والغربية كانت اعتراضاتها على تدني نسبة اعادة الاعمار اما المحافظات المنتجة للنفط فهي الشرارة التي تكاد تشتعل بمظاهرات غاضبه وبسبب عدم تطبيق الوعود السابقة ورفع شعار الاقليم هذه المرة.
-تأخر في اعداد الحسابات الختامية والمقصود بالحساب الختامي بانه بيان يتضمن النفقات العامة التي انفقت والايرادات العامة التي حصلت خلال فترة مالية غالبا ما تكون سنة .

الخلاصـــــــة:-
-موازنة 2019 قيد جديد على حكومة عبد المهدي لا توجد رؤية حكومية حول مسار وطبيعة الاصلاح الاقتصادي الذي تسعى الحكومة الى تحقيقه . وما اهم الاصلاحات المنفذة في العام 2018 ، ولم توضح الحكومة في موازنتها لعام 2019 عن الاجراءات المزمع اتخاذها لتنفيذ البرنامج المتكامل للإصلاح الاقتصادي الذي يهدف الى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ورفع معدلات التشغيل والاهتمام بالحماية الاجتماعية اذ ان الموازنة غاب عنها المؤشرات الكمية المتعلقة بمعدلات النمو والبطالة ، ومعدلات الدين الحكومي ، ومعدلات التضخم ، ومعدل نمو الاقتصاد العالمي .
-كما لم توضح الموازنة التوجهات السياسة المالية في العراق والتحديات التي تواجهها . تمثل موازنة 2019 رؤية السيد العبادي وطاقمه الوزاري الذي يركز على الطابع التوزيعي للإيرادات العامة واهمال تام لضرورة تطوير القدرات الانتاجية للاقتصاد العراقي وضرورة تنويعه لاستيعاب البطالة الكبيرة للبلد كما تعكس الموازنة سوء الادارة المالية في العراق وعدم قدرتها على التصرف المنهجي في الموارد .

– ان موازنة 2019 في حالة اقرارها كما هي تضع قيدا كبيرة على قدرات الحكومة القادمة في الحصول على الموارد المالية اللازمة لتحقيق التغيير الاقتصادي المنشود من خلال اعتماد سعر منخفض جدا لبرميل النفط الخام مما خفض كثيرا من الايرادات المالية المتوقعة عام 2019 وادى الى عجز كبير ممول من الاقتراض الخارجي تحديدا مما سيفاقم مشكلة المديونية الخارجية خاصة بعد ارتفاع اقساط خدمة الدين الى نحو 11 ترليون دينار.
اسئلة حائرة:-
لماذا ارتفعت استيرادات العراق من الوقود اللازم للكهرباء من 921 مليار دينار في موازنة عام 2018 الى 3.8 ترليون دينار في موازنة عام 2019 ؟
لماذا تضاعفت تعويضات الكويت من 772 مليار دينار في موازنة عام 2018 الى 1.553 ترليون دينار في موازنة عام 2019 ؟
لماذا تخصص الموازنة 360 مليار دينار للمشاريع النفطية في اقليم كردستان مع ان الاخير لا يسلم الحكومة المركزية ايراداته النفطية.

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا