“حلف شمال الأطلسي” ولعبة البقاء في العراق

1523

موقع الوقت التحليلي-

 

منذ أشهر، وبعيد اعلان تحرير كامل الأراضي العراقية من تنظيم “داعش” الإرهابي في تشرين الثاني/نوفمبر2017 أكدت العديد من القيادات العراقية على حرصها بانسحاب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، وكان المتحدث باسم حكومة “العبادي” قد أكد في حينها عن تخفيض عدد المستشارين والمقاتلين والمدربين في التحالف الدولي بالعراق بشكل تدريجي.
الإعلان الأخير الذي جاء على لسان الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرغ” كشف عن نية مخطط للبقاء بصورة أوسع في العراق بذريعة تدريب الجيش دون مهام قتالية، موضحا “أن تواجد حلف الناتو في العراق لتدريب الجيش جاء بطلب من الحكومة العراقية (لكنه لم يذكر تأريخ الطلب العراقي) قائلا : ننظم تدريبات بالعراق حتى يتم بناء الجيش كاملا.
واذا ما أكد دبلماسيون في وقت أسبق من الشهر الحالي، أن الولايات المتحدة جددت ضغوطها على حلفائها الاوربيين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لوضع بعثة تدريب طويلة الأمد في العراق.
وعلى خلفية التصريحات هذه، ثارت موجة غضب شعبي عراقي واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وجدل وعلامات استفهام زادت من قلق العراقيين من التواجد العسكري الأجنبي عموما والامريكي تحديدا على أراضيهم.!
اذا ما عدنا الى تأريخ وجود الناتو في العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 حتى اليوم، كان له العديد من التداعيات على العراق وكما تحددها احدى الدراسات.
1- يعمل تحالف شمال الأطلسي “ناتو” بموقف مبني على أساس صبغة طائفية سنية تصب في المشروع الأمريكي لاقامة إقليم سني في المنطقة الغربية، تهدف تقسيم البلد واضعافه، وهذا يدار تركيا وسعوديا بعناية فائقة، وهو ما يخلف مزيدا من الدمار العراقي والتجاذبات السياسية والقومية وتضعيف سيادة البلد، وهي محاولة للاخلال بالتوازنات الإقليمية في ذات الوقت.
2- والمثير للجدل هو أن الضغوطات الامريكية على حلف شمال الأطلسي من أجل تعزيز بقاءه في العراق يأتي لرهان واشنطن على تسليح المناطق السنية ومنحها نفوذا سياسيا أكبر للعب دور أساسي في الحرب على الإرهاب غير أنها تكاد تجهل طبيعة الصراعات الداخلية للإقليم السني نفسه، في ظل التنافس العشائري وتنافس مستوى التبعية الإقليمية وكل هذه التناقضات وغيرها ستترجم نفسها (بفوضى خلاقة) تشمل الساحة السنية وتعزز فرص عودة الجماعات الإرهابية مجددا.
والمثير للجدل فعلا، هو أن اعلان التحالف الدولي أو حلف “الناتو” بزعامة أميركا عن تعزيز تواجده في العراق ولفترة طويلة غير محددة، يأتي من طرف واحد من دون التنسيق مع الجانب العراقي اطلاقا.
هنا يثار التسائل التالي: هل ما يزال العراق وشعبه تحت الوصاية والبند السابع حتى يعلن حلف الناتو دون الرجوع الى الحكومة العراقية عن مرحلته القادمة وآلية خططه المستقبلية في العراق.؟!
ومع أن الناطق باسم حلف الناتو سعى الى التلميح بأن الاجراء تم بالاتفاق مع الحكومة العراقية، ولكن هل صرح السيد “العبادي” بذلك في مؤتمراته الصحفية أو هل طرح هذا الموضوع الخطير في جلسات مجلس الوزراء .؟

ومثل هذا الموضوع الحساس ألا يتطلب الامر ان يعرض على نواب البرلمان، أم ان الأخير منشغل حاليا بلعبة التحالفات وكعكة المناصب والمفاوضات.!

يرى اخرون ان اعلان التحالف “الناتو” في هذا الوقت تحديدا يأتي استغلالا للوضع العراقي الراهن المتلكأ والمتأرجح داخليا على أعتاب تشكيل حكومته المرتقبة. خاصة وأن أصحاب القرار العراقي في الحكومة يمرون بأضعف أوقاتهم في ظل لعبة المفاوضات التي لا يمكن ابعاد الخيوط الإقليمية والدولية عن تحريكها.
يترقب الشارع العراقي بشغف خطوات الحكومة العراقية في الرد على ما يعلن من قبل التحالف وتوضيح المجريات للشارع العراقي، وكذا هو الامر مطلوب من قبل مجلس النواب العراقي وكشف ما يجري خلف الكواليس وإعلان متى وكيف وأين وافقت الحكومة العراقية على توسيع حلف الناتو في العراق ؟!
وما هو دور الشعب العراقي في هذا التدخل السافر في شؤون بلاده .؟
وعلى المعنيين الالتفات جيدا الى أن الشعب العراقي بدأ يدرك جيدا ما يحاك ضده دوليا وإقليميا، ولن يسمح للخائنين بتقرير مصيره، وستكون له كلمة الفصل في حينها اذا ما زاد الامر عن حده واذا ما ضلت تلك القرارا حبيسة الغرف الظلماء، فقد دفع العراقيون أغلى ما يملكون أرواحهم من أجل سيادة الأرض وتحرير البلاد والعباد من دنس الإرهاب، وهكذا هو إزاء أي تواجد عسكري بالمجبر.

اترك تعليق

قم باضافة تعليق
الرجاء ادخال اسمك هنا