عدنان أبو زيد
موقع المونيتور الامريكي
قال رئيس غرفة التجارة الإيرانيّة-العراقيّة حميد حسيني في 26 شباط/فبراير إنّ الخطّة التي تمّ الاتّفاق عليها بين إيران والعراق لمقايضة نفط كركوك بالنفط الإيرانيّ لا يمكن تنفيذها بالكامل، بسبب المخاوف الأمنيّة، في إشارة إلى الاتّفاق الثنائيّ الذي وقّع عليه في 30 تمّوز/يوليو 2017، ويتضمّن مدّ أنبوب نفط من كركوك اإلى إيران، في إطار الاتّفاق على تصفية خام المحافظة هناك.
حديث المسؤول الإيرانيّ حول كركوك التي استعادتها القوّات العراقيّة من سيطرة البيشمركة الكرديّة في 16 تشرين الأوّل/أكتوبر 2017، انعكاس لتدهور الأوضاع الأمنيّة فيها، والذي تجسّد في مصرع خمسة من أفراد تنظيم “داعش” في 3 آذار/مارس، في عمليّة أمنيّة في جنوب غرب المدينة، فيما أعربت السلطات المحلّيّة عن الحاجة إلى تعزيزات عسكريّة.
تلقي هذه الأحداث ظلالاً من الشكّ على أيّ عمليّة استثمار في مدينة كركوك، لا سيّما في قطاع النفط، في ظلّ توتّرات أمنيّة تجسّدت في 19 شباط/ فبراير، حين نصب أفراد تنظيم “داعش” كميناً لقافلة من قوّات الحشد الشعبيّ الشيعيّة في قضاء الحويجة في جنوب غرب كركوك، ممّا أوقع 27 قتيلاً في صفوفها، فيما هاجم مسلّحون في 27 شباط/ فبراير مقرّ الجبهة التركمانيّة بقذيفة صاروخيّة. كما أكّد ئيس مجلس أمن كردستان مسرور بارزاني في 27 شباط/فيراير أنّ “هجمات “داعش” في محافظة كركوك ستستمرّ”.
لكنّ الاستنتاج أنّ مثل هذه الأحداث سوف تؤثّر على العمليّات النفطيّة في كركوك، الذي تجسّد في شكل واضح في تصريح المسؤول الإيرانيّ، لا يوافق وجهة نظر محافظ كركوك بالوكالة راكان الجبّوري الذي، وإن اعترف في حديثه إلى “المونتور” بأنّ “هناك مناطق رخوة أمنيّاً”، إلّا أنّه يرى أنّ “ذلك لا يوقف عمليّات تطوير المنشآت النفطيّة ومشاريع التصدير”، مدلّلاً على ذلك بالقول إنّ “وزارة النفط وقّعت في 8 شباط/فبراير اتّفاقيّة لإنشاء مصفى جديد”.
كما أنّ ذلك لم يمنع وزارة النفط الاتّحاديّة في 27 شباط/فبراير، من إبداء الاستعداد لاستئناف ضخّ النفط عبر أنبوب كردستان إلى ميناء جيهان التركيّ بالاتّفاق مع سلطات الإقليم.
يضاف إلى هذه الدلائل على عدم تأثير الأوضاع الأمنيّة الحاليّة على عمليّات الاستثمار في نفط كركوك، ما قاله المتحدّث باسم وزارة النفط عاصم جهاد لـ”المونيتور” إنّ “تصريح المتحدّث الإيرانيّ يعبّر عن وجهة نظر بلاده، وإنّ الجانب العراقيّ ملتزم في تنفيذ الاتّفاق، إذا لم تتخلّ إيران عنه”.
ويكشف جهاد عن أنّ “العقد مع الجانب الإيرانيّ ينصّ على تصدير كمّيّة تتراوح بين 30 و60 ألف برميل في اليوم بواسطة المركبات الحوضيّة، من حقول كركوك إلى منطقة الحدود قرب مدينة كرمنشاه الإيرانيّة”.
ويشير جهاد إلى أنّ “العمل جارٍ على استكمال مدّ أنبوب نفطيّ إلى إيران بطاقة تزيد على 250 ألف برميل، عندها سيتوقّف التصدير بالحوضيّات، التي هي أقلّ أمناً وتحتاج إلى إجراءات حراسة أكثر، فضلاً عن التكاليف الأكبر”.
ويكشف جهاد عن أنّ أحد أسباب الاتّفاق هو “حاجة إيران إلى كمّيّات كبيرة من النفط العراقيّ لأغراض التصفية والصناعات التكميليّة في المناطق الإيرانيّة المقابلة لكركوك”.
أمّا فائدة العراق من هذا الاتّفاق، بحسب جهاد، فسوف تتلخّص في “زيادة قدرة االعراق على تصريف نفط كركوك بعد توقّف عمليّات الضخّ عبر منفذ جيهان التركيّ، فضلاً عن أنّ الاتّفاق سوف يساعد العراق على تصدير كمّيّات النفط إلى الخارج بنفقات أقلّ”.
يؤكّد جهاد أنّ “وزارة النفط ليس من صلاحيّاتها تقييم الأوضاع الأمنيّة في كركوك، وأنّ الجهات المختصّة هي التي تحدّد طبيعته، وأنّ مسؤوليّة الوزارة ما يتعلّق بالجانب الفنّيّ فقط”.
وربّما تصبح تبريرات المسؤول الإيرانيّ في احتمال عدم تنفيذ الاتّفاق بسبب المخاوف الأمنيّة أكثر وهناً، بتأكيد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقيّ اسكندر وتوت في حديثه إلى “المونيتور”، أنّ “لا مؤشّرات سجّلت لدينا حول خطورة الاستثمار النفطيّ في كركوك لا سيّما عمليّات النقل”، لافتاً الانتباه إلى أنّ “هناك علاقة وطيدة بين تصريح المسؤول الإيرانيّ وبين محاولات التصعيد الأمنيّة في كركوك من قبل فصائل البيشمركة الكرديّة، وأفراد “داعش” على حدّ سواء”، معتبراً أنّ “هؤلاء يستثمرون في الفوضى الأمنيّة، لكي لا ينجح مشروع تبادل الطاقة بين العراق وإيران، لأنّ الإقليم يرغب في أن يكون النقل عبر الأنابيب المارّة عبر أراضيه، كما أنّ سياسة سلطة الإقليم تسعى إلى إيقاف المشاريع النفطيّة والاقتصاديّة كافّة، طالما أنّ كركوك ليست تحت نفوذها”.
ويرّد وتوت على تبرير المسؤول الإيرانيّ بأنّ “إيران لا توجد لديها أجهزة أشعة إكس لفحص الشاحنات الآتية من العراق”، بالقول إنّ هذا “سبب غير منطقيّ لأنّ أمن الشاحنات هو مسؤوليّة مشتركة بين البلدين، ولأنّ الشاحنات التي تنقل النفط مسجّلة، وتنطلق من أماكن آمنة الى إلمواقع النقطيّة، ومن غير الممكن، استخدامها لأغراض أخرى، بسبب الإجراءت الأمنيّة الصارمة في المواقع النفطيّة، فضلاً عن انتشار قطعات الجيش العراقيّ والحشد الشعبيّ على طول الطريق، الذي سوف تسلكه هذه الشاحنات”.
على ما يبدو، إنّ العراق يوسّع خياراته في التصدير، ففي حين يؤكّد رئيس لجنة النفط والطاقة في البرلمان عزيز عبد الله لـ”المونيتور” أنّ “المحادثات بين الحكومة الاتّحاديّة وحكومة الإقليم حول النقل بواسطة أنابيب جيهان عبر الإقليم، وصلت إلى مراحل متقدّمة”، يعتبر رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة كركوك أحمد العسكري في حديثه إلى “المونيتور” أنّ ذلك “تجسيد لتوجّه الحكومة الاتّحاديّة في عدم الاعتماد على نافذة واحدة يمكن أن تغلقها الخلافات السياسيّة”، حيث يشير إلى أنّ “الأزمات السياسيّة والأمنيّة جعلت العراق يفكر بأكثر من وسيلة لتصدير نفط كركوك، إذ بدأ بمدّ أنبوب نفطيّ إلى ميناء جيهان التركيّ لا يمرّ عبر الإقليم، إضافة إلى أنبوب نفط الإقليم، فضلاً عن أنّ السيّارات الحوضيّة بدأت تشقّ طريقها إلى إيران منذ سيطرة القوّات العراقيّة على كركوك”